[ تزاحم الموسع مع المضيّق ]
أمّا الكلام في المقام الأوّل : فقد اختار المحقق الثاني قدسسره (١) وتبعه جماعة من المحققين تحقق الثمرة فيه ، فعلى القول بالاقتضاء تقع العبادة فاسدة وعلى القول بعدمه تقع صحيحة.
بيان ذلك : أنّا قد ذكرنا في بحث تعلّق الأوامر بالطبائع أو الأفراد (٢) أنّ الصحيح هو تعلقها بالطبائع الملغاة عنها جميع الخصوصيات والتشخصات دون الأفراد ، وعلى هذا فالمأمور به هو الطبيعة المطلقة ، ومقتضى إطلاق الأمر بها ترخيص المكلف في تطبيق تلك الطبيعة على أيّ فرد من أفرادها شاء تطبيقها عليه من الأفراد العرضية والطولية ، ولكن هذا إنّما يكون فيما إذا لم يكن هناك مانع عن التطبيق ، وأمّا إذا كان مانع عنه كما إذا كان بعض أفرادها منهياً عنه ، فلا محالة يقيد إطلاق الأمر المتعلق بالطبيعة بغير هذا الفرد المنهي عنه ، لاستحالة انطباق الواجب على الحرام.
ويترتب على ذلك : أنّه بناءً على القول باقتضاء الأمر بشيء النهي عن ضدّه ، كان الفرد المزاحم من الواجب المطلق منهياً عنه فيقيد به إطلاق الأمر به ، كما هو الحال في بقية موارد النهي عن العبادات ، لاستحالة أن يكون الحرام مصداقاً للواجب ، ونتيجة ذلك التقييد هي وقوعه فاسداً بناءً على عدم كفاية اشتماله على الملاك في الصحة.
__________________
(١) جامع المقاصد ٥ : ١٢.
(٢) في المجلّد الثالث من هذا الكتاب ص ١٩٦.