ثانيهما : أنّ القتل يتوقف على فري الأوداج ، ثمّ رفض العروق الدم الموجود فيها إلى الخارج ، ثمّ توقف القلب عن الحركة وبعده يتحقق القتل ، ففري الأوداج مع أنّه شرط متقدم عليه. فالنتيجة أنّه لا مانع من تقدّم سائر أجزاء العلة التامة على المعلول زماناً ، فان ما لا يمكن تقدمه عليه كذلك هو الجزء الأخير لها.
ومن هنا يظهر أنّ التعاصر إنّما هو بين العلة التامة ومعلولها لا بين كل جزء جزء منها وبينه ، فإذا جاز تقدّم الشرط على المشروط في التكوينيات جاز في التشرعيات أيضاً ، بداهة أنّه لا مانع من اعتبار الشارع الفعل على ذمة المكلف مشروطاً بشيء متدرج الوجود خارجاً على نحو يكون ثبوته في ذمته معاصراً لجزئه الأخير بحيث يستحيل الانفكاك بينهما زماناً ، أو يعتبر الوضع كالملكية والزوجية وما شاكلهما كذلك ، يعني مشروطاً بشيء متدرج الوجود كالعقد ونحوه.
وعلى الجملة : فلا مانع من تقدّم الشرط على المشروط ، سواء أكان المشروط حكماً أو فعلاً ، وسواء أكان الحكم وضعياً أو تكليفياً. وأضف إلى ذلك : أنّ باب الأحكام الشرعية أجنبي عن باب العلة والمعلول بالكلية فلا صلة لأحدهما بالآخر أبداً كما سنشير إليه.
ثمّ إنّ شيخنا الاستاذ قدسسره (١) قد خصص الاشكال المذكور بشرائط الحكم ، وذهب إلى عدم جريانه بالاضافة إلى شرائط المأمور به ، وقد أفاد في وجه ذلك ما حاصله : هو أنّ مرد شرطية شيء للمأمور به هو أنّ الشارع جعل متعلق أمره حصة خاصة منه وهي الحصة المتقيدة به لا مطلقاً ، مثلاً معنى كون الطهارة شرطاً للصلاة هو أنّ الأمر تعلق بحصة خاصة منها وهي
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٢٢ الأمر الثالث.