[ تزاحم الواجبين المضيّقين ]
وأمّا الكلام في المقام الثاني : وهو ما إذا كان التزاحم بين واجبين مضيّقين أحدهما أهم من الآخر ، فلا يمكن تصحيح الواجب المهم بالأمر ، لاستحالة تعلّق الأمر به فعلاً مع فعلية الأمر بالأهم على الفرض ، فانّه من التكليف بالمحال وهو محال.
وبذلك يمتاز هذا المقام عن المقام الأوّل ، حيث إنّ في المقام الأوّل كان الأمر المتعلق بالواجب الموسّع والمضيّق كلاهما فعلياً ، ولم يكن تنافٍ بين الأمرين أصلاً ، وإنّما التنافي كان بين الاتيان بفردٍ من الواجب الموسع والواجب المضيق ، ومن هنا قلنا إنّه يصحّ الاتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر المتعلق بالطبيعة الجامعة بين الأفراد العرضية والطولية حتّى على القول باشتراط صحة العبادة بقصد الأمر المتعلق بها فعلاً.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ النقطة الرئيسية للفرق بين المقامين هي ما ذكرناه من أنّ تعلّق الأمر فعلاً بكلا الواجبين في المقام الأوّل كان ممكناً ، ولكنّه لا يمكن في هذا المقام.
وعلى ضوء تلك النقطة لا يمكن تصحيح العبادة المزاحمة مع الواجب الأهم بالأمر الفعلي.
ومن هنا لايتأتى في هذا المقام ما أفاده المحقق الثاني قدسسره من التفصيل بين القولين ، فانّه مبتنٍ على إمكان تعلّق الأمر فعلاً بالضدّ العبادي على القول بعدم الاقتضاء ، وقد عرفت عدم إمكان تعلقه في هذا المقام مطلقاً.