ووجود الواجب النفسي ، بل الجواز تعلّق بالمقدمة الموصلة ، والمفروض تمكن المكلف منها ، ومع هذا بطبيعة الحال لا يجوز له ترك الواجب فلو ترك استحقّ العقاب عليه ، لفرض قدرته عليه فعلاً من ناحية قدرته على مقدمته الموصلة كذلك. فالنتيجة : أنّ ما أفاده قدسسره خاطئ جداً.
ولشيخنا الاستاذ قدسسره (١) في المقام كلام هو : أنّه قدسسره حيث رأى أنّ الوجدان لا يساعد على وجوب المقدمة مطلقاً ـ سواء أكانت موصلة أم لم تكن ـ من ناحية ، ورأى أنّه لا يمكن الالتزام بوجوب خصوص الموصلة للمحاذير المتقدمة من ناحية اخرى ، فقد اختار نظرية ثانية تبعاً لنظرية المحقق صاحب الحاشية قدسسره (٢) وإن كان مخالفاً له في بعض النقاط ، وملخص ما أفاده قدسسره في المقام هو : أنّ الواجب وإن كان هو خصوص المقدمة في حال الايصال ، لمساعدة الوجدان على ذلك بناءً على ثبوت الملازمة ، إلاّ أنّه مع ذلك لم يؤخذ الايصال قيداً لاتصاف المقدمة بالوجوب ، لا بنحو يكون قيداً للواجب ولا للوجوب. أمّا الأوّل : فلما عرفت من استلزامه الدور أو التسلسل. وأمّا الثاني : فلاستلزامه التفكيك بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها في الاطلاق والاشتراط ، لأنّ معنى ذلك هو أنّ وجوب المقدمة مقيد بالايصال دون وجوب ذيها ، وهو مستحيل على ضوء القول بالملازمة بينهما ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ امتناع تقييد الواجب أو وجوبه بالايصال إلى الواجب النفسي ، لا يستلزم أن يكون الواجب والوجوب مطلقين من هذه
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٤٨.
(٢) هداية المسترشدين : ٢١٩.