انفكاك المعلول عن علته التامة ، وصدوره عن علته الناقصة ، فان علية القوي كما عرفت تامة فلا حالة منتظرة فيه أصلاً ، إذ الضعيف لمكان ضعفه لا يمكن أن يزاحمه ، وعلية الضعيف ناقصة لوجود المانع المزاحم له ، إذن يستند عدم الضدّ الذي يقتضيه السبب الضعيف إلى وجود السبب القوي ، فانّه مانع عن تأثير الضعيف ومزاحم له ، وإلاّ فالمقتضي له موجود. وقد سبق أنّ عدم المعلول إنّما يستند إلى وجود المانع في ظرف تحقق المقتضي وبقية الشرائط.
ولنأخذ لذلك مثالين :
الأوّل : ما إذا فرض ثبوت المقتضي لكل من الضدّين في محل واحد ، كارادة الضدّين من شخص واحد وكانت إرادته بالاضافة إلى أحدهما أقوى من إرادته بالاضافة إلى الآخر ، كما لو كان هناك غريقان وقد تعلقت إرادته بانقاذ كل واحد منهما في نفسه ، ولكن إرادته بالاضافة إلى إنقاذ أحدهما أقوى من إرادته بالاضافة إلى إنقاذ الآخر ، من جهة أنّ أحدهما عالم والآخر جاهل ، أو كان أحدهما صديقه والآخر أجنبياً عنه ، وغير ذلك من الخصوصيات والعناوين الموجبة لكثرة الشفقة والمحبة بالاضافة إلى إنقاذ أحدهما دون الآخر ، ففي مثل ذلك لا محالة يكون المؤثر هو الارادة القويّة دون الارادة الضعيفة ، فانّها لمكان ضعفها تزاحمها الارادة القوية ، وتمنعها عن تأثيرها في مقتضاها ، وتلك لمكان قوتها لا تزاحم بها. إذن عدم تحقق مقتضي الارادة الضعيفة غير مستند إلى وجود الضدّ الآخر ، ولا إلى عدم مقتضيه ، فان مقتضيه وهو الارادة الضعيفة موجود على الفرض ، بل هو مستند إلى وجود المانع والمزاحم له ، وهو الارادة القوية.
الثاني : ما إذا فرض ثبوت المقتضي لكل من الضدّين في محلّين وموضوعين ، كما إذا كان كل منهما متعلقاً لارادة شخص ، ولكن كانت إرادة أحدهما أقوى