فلا محالة يكون عدم كل من الضدّين مستنداً إلى وجود المقتضي للآخر لا إلى نفسه.
وأمّا على الثاني : فيؤثر القوي في مقتضاه ، ويكون مانعاً عن تأثير المقتضي الضعيف ، والضعيف لا يمكن أن يكون مانعاً من القوي.
بيان ذلك : أنّ القوي لمكان قوته يزاحم الضعيف ويمنعه من التأثير في مقتضاه ، فنفس وجوده موجب لفقد شرط من شرائطه وهو عدم المزاحم ، فانّه شرط تأثيره ومصحح فاعليته ، فيكون عدم القوي شرطاً لتأثير الضعيف ، ووجوده مانعاً منه.
وعلى هدى ذلك يعلم أنّ عدم تمامية علية الضعيف مستند إلى تمامية علية القوي ووجوده ، وبما أنّ الضعيف لا يمكن أن يزاحم القوي في تأثيره يكون تامّ الاقتضاء والفاعلية ، فهو بصفته كذلك يزاحم الضعيف ويمنعه عن تأثيره في معلوله ، فعدم مزاحمة الضعيف بالتالي منته إلى ضعف في نفسه بالاضافة إلى المقتضي الآخر ، إذ لو كان قوياً مثله لزاحمه في تأثيره لا محالة ، فعدم قابليته لأن يزاحم الآخر وقابلية الآخر لأن يزاحمه لأجل عدم قوته بالإضافة إليه ، وإن كان قوياً في نفسه وتامّ الفاعلية والاقتضاء مع قطع النظر عن مزاحمة الآخر له ، ولذا لو لم يكن القوي في البين لأثّر الضعيف في مقتضاه ، ففي هذا الفرض يستند عدم الضد إلى وجود المقتضي القوي للضدّ الآخر ، لا إلى نفس وجوده ، ولا إلى عدم مقتضي نفسه ، فانّه موجود على الفرض ، ولكنّ المانع منعه عن تأثيره وهو وجود المقتضي القوي.
وعلى الجملة : ففيما إذا كان المقتضيان متفاوتين بالقوة والضعف ، فيستحيل أن يؤثر الضعيف في مقتضاه ، لأنّ تأثير كل مقتضٍ مشروط بعدم المانع المزاحم له ، والقوي لمكان قوته مزاحم له ومع ذلك لو أثّر الضعيف دون القوي للزم