توقف أحدهما على عدم الآخر من توقف الشيء على نفسه.
فما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره من أنّ المعاندة والمنافرة بين الضدّين لو اقتضت توقف أحدهما على عدم الآخر لثبت ذلك في النقيضين أيضاً ، لا يرجع إلى معنى محصّل أصلاً.
الوجه الثاني : أنّ عدم أحد الضدّين لو فرض ثبوت المقتضي له أيضاً يستند إلى وجود مقتضي الآخر ، لا إلى وجود نفسه ، بيان ذلك : أنّ الصور المتصورة في المقام ثلاثة لا رابع لها.
الاولى : أن يكون المقتضي لكل من الضدّين موجوداً.
الثانية : أن لا يكون المقتضي لشيء منهما موجوداً ، عكس الاولى.
الثالثة : أن يكون المقتضي لأحدهما موجوداً دون المقتضي للآخر.
أمّا الصورتان الأخيرتان فالأمر فيهما واضح ، فان عدم ما لا مقتضي له مستند إلى عدم مقتضيه ، لا إلى وجود الضدّ الآخر.
وإنّما الكلام في الصورة الاولى فنقول : إنّ المقتضيين الموجودين في عرض واحد لا يخلوان من أن يكونا متساويين في القوة ، وأن يكون أحدهما أقوى من الآخر.
أمّا على الأوّل : فلا يوجد شيء من الضدّين ، لاستحالة تأثير كل منهما أثره معاً ، وتأثير أحدهما المعيّن فيه دون الآخر ترجيح من دون مرجح ، أو خلف إن فرض له مرجح. ومن ذلك يعلم أنّ المانع من وجود الضد مع فرض ثبوت مقتضيه إنّما هو وجود المقتضي للضدّ الآخر ، لا نفس وجود الضد. وفي هذا الفرض بما أنّ كلاً من المقتضيين يزاحم الآخر في تأثيره ويمنعه عن ذلك ، فان تأثير كل منهما منوط بعدم المانع عنه ، ووجود مقتضي الضدّ الآخر مانع ،