في المقدمة الوجودية ، ولا صلة لإحدى المقدمتين بالاخرى أصلاً ، كيف فانّ ما كان من الصلوات إلى الجهات الأربع مطابقاً للواقع كان هو نفس الواجب لا أنّه مقدمة له ، وما لم يكن مطابقاً له فهو أجنبي عنه ، فلا يكون هنا شيء مقدمة لوجود الواجب أصلاً.
نعم ، ذكر شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره في أواخر رسالة بحث البراءة (١) ما ملخصه : هل الاطاعة الاحتمالية في طول الاطاعة العلمية ولو إجمالاً أو في عرضها؟ فان قلنا بالأوّل كان ما جاء به من الامتثال الاحتمالي فاسداً وإن كان مطابقاً للواقع ، وذلك لاستقلال العقل الحاكم في هذا الباب بعدم كفاية الامتثال الاحتمالي مع التمكن من الامتثال العلمي ولو كان إجمالياً ، وإن قلنا بالثاني كان ما جاء به صحيحاً ، لفرض تحقق الواجب في الخارج وقد قصد التقرب به احتمالاً وهو يكفي في العبادة.
وهذا الذي ذكره قدسسره هناك أيضاً أجنبي عن القول باعتبار قصد التوصل في المقدمة وعدم اعتباره ، فان كفاية الامتثال الاحتمالي مع التمكن من الامتثال العلمي وعدم كفايته معه يقومان على أساس آخر لا صلة له بما يقوم به هذان القولان ، فيمكن القول بالكفاية هناك على كلا القولين هنا ، ويمكن القول بعدم الكفاية هناك كذلك على تفصيل في محلّه. فالنتيجة أنّه لا صلة لأحد البابين بالآخر أصلاً كما هو واضح.
ومنها : عدم جواز الاتيان بالغايات المشروطة بالطهارة إذا لم يكن المتوضئ قاصداً به تلك الغايات بل أتى به لغاية اخرى ، فلو توضأ لغاية خاصة كقراءة القرآن مثلاً لم يجز له الدخول في الصلاة بذلك الوضوء وهكذا. ثمّ إنّه قدسسره أشكل على ذلك : بأنّ هذا لا يتم في الوضوء ، حيث إنّه حقيقة واحدة
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٥٧.