انطباق الطبيعة المأمور بها عليه ، إذ الأفراد جميعاً في عدم تعلّق الأمر بها وعدم اتصافها بالواجب على نسبة واحدة ، ولا فرق في ذلك بين الفرد المزاحم للواجب المضيق وغيره ، فان متعلق الأمر الطبيعة الجامعة بين الأفراد بلا دخل شيء من الخصوصيات والتشخصات فيه ، ولذا لا يسري الوجوب منها إلى تلك الأفراد ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّ ضابط الامتثال انطباق الطبيعة المأمور بها على الفرد المأتي به في الخارج.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين : هي صحة الاتيان بالفرد المزاحم لاشتراكه مع بقية الأفراد في كلتا الناحيتين.
نعم ، يمتاز عنها في ناحية ثالثة : وهي أنّ الفرد المزاحم غير مقدور شرعاً وهو في حكم غير المقدور عقلاً ، إلاّ أنّها لا تمنع عن الصحة وحصول الامتثال به ، لأنّ الصحة تدور مدار الناحيتين الاوليين ، وهذه الناحية أجنبية عما هو ملاك الصحة ، ضرورة أنّ المكلف لو عصى الأمر بالواجب المضيق وأتى بهذا الفرد المزاحم لوقع صحيحاً ، لانطباق المأمور به عليه.
وإن شئت فقل : إنّ ما كان مزاحماً للواجب المضيق وإن كان غير مقدور شرعاً ، إلاّ أنّه ليس بمأمور به ، وما كان مأموراً به ومقدوراً للمكلف ـ وهو صرف وجود الطبيعة بين المبدأ والمنتهى ـ غير مزاحم له. وعلى ذلك الأساس صحّ الاتيان بالفرد المزاحم ، فانّ الانطباق قهري والإجزاء عقلي.
ونتيجة ما أفاده المحقق الثاني قدسسره هي أنّ الفرد المزاحم بناءً على القول بالاقتضاء ، حيث إنّه كان منهياً عنه ، فلا ينطبق عليه المأمور به ، وعليه فلا إجزاء لدورانه مدار الانطباق. وبناءً على القول بعدم الاقتضاء حيث إنّه ليس بمنهي عنه ينطبق عليه المأمور به فيكون مجزئاً.