الكلام (١) في ذلك بصورة مفصّلة ، وقد أوضحنا هناك بطلان ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره من وجوه فلاحظ.
وأمّا الكلام في الناحية الثانية : فجريان الترتب فيه يبتني على وجهة نظر شيخنا الاستاذ قدسسره من أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق ، وبما أنّ تقييد المهم في المقام بخصوص الفرد المزاحم محال ، فاطلاقه بالاضافة إليه أيضاً محال ، وعليه فلا يمكن الحكم بصحته من جهة الاطلاق ، فلا محالة تبتني صحته على القول بالترتب مع قطع النظر عن كفاية الملاك ، غاية الأمر أنّ الترتب هنا إنّما هو في إطلاق الواجب المهم ، بمعنى أنّ إطلاقه مترتب على ترك الواجب الأهم ، وهذا بخلاف الترتب في غير المقام ، فان هناك أصل الخطاب بالمهم مترتب على ترك امتثال الخطاب بالأهم لا إطلاقه ، وعلى كل حال فالترتب في المقام مبتنٍ على مسلكه قدسسره.
ولكن قد ذكرنا غير مرّة أنّ التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل التضاد ، فاستحالة أحدهما في مورد لا يستلزم استحالة الآخر ، وعليه فلا يتوقف الحكم بصحته على القول بجواز الترتب ، ضرورة أنّه عندئذ يمكن الاتيان به بداعي امتثال الأمر المتعلق بالطبيعة.
وعلى الجملة : فجريان الترتب فيما إذا كان الواجب المهم موسعاً والأهم مضيقاً يرتكز على أحد أمرين :
الأوّل : دعوى اقتضاء نفس التكليف اعتبار القدرة في متعلقه وأ نّه يوجب تقييده بحصة خاصة وهي الحصة المقدورة.
الثاني : دعوى أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق.
__________________
(١) في ص ٣٥٦.