إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة ، وهي أنّ تعلق الأمر الاضطراري بالفعل الناقص وجواز البدار إليه واقعاً مع فرض تمكن المكلف من الاتيان بالفعل الاختياري بعد ارتفاع الاضطرار في أثناء الوقت يحتاج إلى دليل ، وقد قام الدليل على ذلك في خصوص موارد التقية وأنّ البدار فيها جائز كما أشرنا إليه سابقاً.
وأمّا فيما عدا موارد التقية ، فقد أشرنا (١) إلى أنّ جماعة منهم السيِّد قدسسره في العروة (٢) قد اختاروا أنّ مقتضى إطلاق دليل وجوب التيمم هو جواز البدار إليه ، مع احتمال ارتفاع العذر في الوقت وتمكن المكلف من الاتيان بالصلاة مع الطهارة المائية فيه. ومن هنا قال قدسسره في المسألة الثالثة من أحكام التيمم : الأقوى جواز التيمم في سعة الوقت وإن احتمل ارتفاع العذر في آخره أو ظنّ به ـ إلى أن قال ـ فتجوز المبادرة مع العلم بالبقاء ويجب التأخير مع العلم بالارتفاع ، هذا.
وحري بنا أن نقول : إنّ ما ذكروه في مسألة التقية في غاية الصحة والمتانة ولا مناص عن الالتزام به. وأمّا ما ذكروه في مسألة التيمم فلا يمكن المساعدة عليه بوجه ، والسبب في ذلك ما تقدّم من أنّه لا إطلاق لأدلة وجوب التيمم من الآية والروايات بالاضافة إلى الموارد التي لا يستوعب العذر فيها مجموع الوقت ، لفرض تمكن المكلف معه من الاتيان بالصلاة مع الطهارة المائية ، ومن الطبيعي أنّ النوبة لا تصل عندئذ إلى الصلاة مع الطهارة الترابية.
وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك في ضمن البحوث السالفة بشكل أوسع ، كما
__________________
(١) في ص ٤٧.
(٢) العروة الوثقى ١ : ٣٥٥ المسألة [١١٤١].