ويظهر من « مفتاح الكرامة » في كتاب المزارعة انّه إجماعي حيث قال بعد قول العلّامة « وهو عقد لازم من الطرفين » ما هذا نصّه : « إجماعاً كما في جامع المقاصد والمسالك ومجمع البرهان . . . وكأنّه إجماع ، لأنّ الأصل في العقد اللزوم إلّا ما أخرجه الدليل » . (١)
فلو ثبتت الضابطة المذكورة فتكون هي المرجع فيما شكّ في لزوم العقد وجوازه ، سواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية .
أمّا الأُولى فكما إذا شكّ في لزوم الجعالة أو المضاربة ، فالأصل هو اللزوم . اللّهمّ إلّا أن يدلّ دليل على الجواز .
أمّا الثانية فكما إذا اختلف المتداعيان في عقد ، فادّعى أحدهما انّه كان صلحاً والآخر انّه كان وديعة أو عارية ، فالأصل هو اللزوم ، فعلى من يدّعي خلافه ، البيّنة .
إذا عرفت ذلك فالكلام يقع في توضيح الأصل ، وما هو المراد منه ؟ فنقول : هنا وجوه :
الأوّل : المراد من الأصل هو الغلبة وانّ الغالب على العقود هو اللزوم .
لكنّه ممنوع صغرى ، إذ ليست قلّة العقود الجائزة على حدّ يوجب انصراف الدليل عنها ، كما أنّه ممنوع كبرى ، إذ لا دليل على حجّية الغلبة لأنّها لا تفيد إلّا ظنّاً ، والأصل في الظنون عدم الحجّية إلّا إذا قام الدليل على حجّيتها .
الثاني : الاستصحاب بمعنى انّه إذا قام أحد المتعاقدين بفسخ العقد وشككنا في تأثيره وعدمه ، فالأصل هو بقاء أصل العقد أو أثره بعد الفسخ .
وذلك لأنّ العقد أو الإيقاع إذا تحقّق يوجب ترتّب أثر شرعي عليه ، من
__________________
١ . مفتاح الكرامة : ٧ / ٣٠٠ .