حصول ملك ـ كما في البيع ـ ، أو منفعة ـ كما في الإجارة والعارية ـ أو انتفاع ـ كما في التحليل ـ ، فإذا شكّ في اللزوم والجواز فمرجعه إلى الشكّ في أنّه لو فسخ هذا السبب ، هل يبطل ذلك المسبب ، الثابت أو لا بل هو باق على حاله ؟ ولا شكّ انّ قضية الاستصحاب عدم زوال الأثر من ملك أو نحوه إلّا بمزيل شرعي وهو معنى اللزوم ، فالأصل يقتضي بقاء الأثر إلّا أن يثبت دليل قطعي على رفعه . (١)
الثالث : انّ حكم الفقهاء بانّ الأصل في العقود اللزوم مأخوذ من مفهوم العقد ومعناه اللغوي ، فانّ العقد هو العهد أو العهد المشدّد ، وهو كناية عن لزوم الوفاء وعدم قبوله للانثلام كالبيعة فهي عهد مشدد بين المبايع والمبايع له على وجه يثق الإنسان بعدم نقضها والوفاء بمضمونها .
وعلى ضوء ذلك ، فعقد البيع والنكاح والضمان والوقف من مقولة العقد المشدّد الّذي طبعها اللزوم والاستحكام .
ويؤيد ذلك انّ الغاية المنشودة من العقود غالباً لا تحصل إلّا بلزومها ، مثلاً : انّ الغاية من البيع تمكّن كلّ من المتعاقدين من التصرّف فيما صار إليه ، وإنّما يتمّ ذلك باللزوم ليأمن من نقض صاحبه عليه . (٢)
واستعمالها في العقود الجائزة من باب الاستعارة .
وعلى ذلك تجب دراسة حال كلّ عقد بخصوصه وانّ الغاية المطلوبة منه هل تحصل مطلقاً أو تحصل في صورة اللزوم فقط ؟ ! فيحكم عليه باللزوم ، ولا يمكن الحكم على عامّة العقود مرّة واحدة بل لا بدّ من ملاحظة كلّ برأسه .
ولعلّ ذلك أوضح الطرق ، مثلاً نقول : إنّ لكلّ عقد في نظر العقلاء طبعاً
__________________
١ . العناوين : الجزء ٢ ، العنوان ٢٩ . |
٢ . التذكرة : ١٠ / ٥ . |