إنّما الكلام في الأمر الثاني : فإنّ قوله « لا ينبغي » ليس ظاهراً في الحرمة بل ظاهر في الكراهة .
وأمّا الثالث : وهو كون النهي التحريمي عن العقد مساوقاً للفساد ، فغير ثابت ، وذلك لما تقرّر من أنّ النهي إنّما يلازم الفساد إذا تعلّق بنفس المعاملة كالنهي عن بيع الخمر ، أو بأثرها كالنهي عن أكل الثمن كقوله : « ثمن العذرة سحت » ، وأمّا إذا كانت المعاملة مشروعة وتضمّنت شرطاً فاسداً فربّما يكون النهي إرشاداً إلى فساد الشرط أو إلى الحرمة تكليفاً ، لا دليلاً على فساد العقد .
٢ . رواية علي بن جعفر ، عن أخيه عليهالسلام قال : سألته عن رجل باع ثوباً بعشرة دراهم ثمّ اشتراه بخمسة دراهم أيحل ؟ قال : « إذا لم يشترط ورضيا فلا بأس » . (١)
إنّ ما طرحه علي بن جعفر على أخيه عبارة عن بيع متاع لرجل بثمن نسيئة ثمّ اشتراؤه منه بأقل نقداً ويسمّى هذا في الروايات بـ « بيع العينية » وهو بيع الشيء إلى أجل بزيادة على ثمنه لأجل كون الثمن نسيئة ثمّ الاشتراء منه بأقلّ من الثمن نقداً . (٢)
وأمّا كون الشرط فاسداً هو عدم وجود الجد للبيع بين المتعاملين ، والغرض الواقعي لهما دفع الفائض وأكل الربا لكن بصورة البيع والشرط ، فلذلك قيّد الإمام الصحة بقوله : « إذا لم يشترط ورضيا فلا بأس » .
وأمّا دلالته على فساد العقد فلظهور مفهوم « فيه بأس » في الحرمة التي تلازم الفساد .
يلاحظ عليه : أنّ المورد خارج عن محطّ البحث ، فإنّ مورده ما إذا تمّ أركان
__________________
١ . الوسائل : ١٢ ، الباب ٥ من أبواب أحكام العقود ، الحديث ٦ .
٢ . لاحظ : النهاية لابن الأثير ، مادة « عين » .