الفرائض ونفر الحائض قبل الطواف بالبيت وأمثالها ممّا عرف عنه فيها فقيهاً بارعاً ، سيأتي الحديث في ذلك في محله.
ولا يفوتني التنبيه على مناقشة صاحب « مجمع البيان » لبعض آراء ابن عباس أو استئناسه بتأييدها ، بل وحتى الدفاع عنه ، نحو ما ورد في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (١) ، فقد ذكر الإختلاف في المعنى ، ثم قال : « وروي عن ابن عباس أنّه قال : إنّها منسوخة بقوله : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ) (٢) ، وهذا بعيد لأنّ النسخ لا يجوز أن يدخل الخبر الذي هو متضمن للوعد ، وإنّما يجوز دخوله في الأحكام الشرعية التي يجوز تغيّرها وتبدلّها بتغير المصلحة ، فالأولى أن يحمل على أنّه لم يصح هذا القول عن ابن عباس (٣).
ونحو ما ورد عنه من تبيين رأي ابن عباس وترجيحه في قوله تعالى : (بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (٤) ، قال : « اختلف في السيئة فقال ابن عباس : والسيئة ههنا الشرك ، وقال الحسن : هي الكبيرة الموجبة للنار ، وقال السدي : هي الذنوب التي أوعد
____________
(١) البقرة / ٦٢.
(٢) آل عمران / ٨٥.
(٣) مجمع البيان ١ / ٢٤٤.
(٤) البقرة / ٨١.