ابن مسعود ، قال : « كان ابن عباس قد فاق الناس بخصال ، بعلم ما سُبق إليه ، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه ، وحلم ونسب ونائل ، وما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث النبيّ صلى الله عليه واله وسلم منه ، ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه ، ولا أفقه في رأي منه ، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا تفسير للقرآن ، ولا بحساب ولا بفريضة منه ، ولا أعلم فيما مضى ولا أثقب رأياً فيما احتيج إليه منه.
فلقد كان يجلس يوماً ما يذكر فيه إلاّ الفقه ، ويوماً ما يذكر فيه إلاّ التأويل ، ويوماً ما يذكر فيه إلاّ المغازي ، ويوماً الشعر ، ويوماً أيام العرب.
وما رأيت عالماً قط جلس إليه إلاّ خضع له ، ولا وجدت سائلاً سأله إلاّ وجد عنده علماً ، وربما حفظت القصيدة من فيه ينشدها ثلاثين بيتاً » (١).
وما قول عطاء بدون هذا في التقييم والتقسيم ، فقد قال : « ما رأيت مجلساً أكرم من مجلس ابن عباس ولا أكثر فقهاً ، ولا أعظم هيبة ، أصحاب القرآن يسألونه ، وأصحاب العربية يسألونه ، وأصحاب الشعر يسألونه ، فكلّهم يصدر عن واد واسع » (٢).
وثالث الشهود عمرو بن دينار ، يقول بإختصار : « ما رأيت مجلساً أجمع
____________
(١) سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٥٠ ، أسد الغابة ٣ / ٢٩٣ ، طبقات ابن سعد ٢ ق٢ / ١٢٢.
(٢) البداية والنهاية ٨ / ٣٠٠.