بمن يقول له أمرنا بمجاهدتهم.
ثم ما بال الدارس « الفارس » غاب عنه ما حفلت به المصادر من محاورات ابن عباس مع عمر وفيها من الجرأة ما ينسف أكذوبة الهيبة؟
نحو قوله في جواب عمر حين قال له أنّه ـ يعني عليّاً ـ : استصغره قومه ، فقال ابن عباس : « والله ما استصغره الله ورسوله حين أمره أن يأخذ براءة من صاحبك ».
ونحو قوله أيضاً : « هلاّ سبقتموه بالإسلام »؟
وقوله : « هلا استحدثتم سنّه يوم الخندق إذ خرج عمرو بن عبدود وقد كعم عنه الأبطال وتأخرت عنه الشيوخ ، ويوم بدر إذ كان يقطّ الأقران قطاً ».
إلى غير ذلك ممّا مرّ ذكره في الحلقة الأولى « في عهد عمر » (١).
لكن ذلك كلّه لا يعني أنّ ابن عباس لم يكن يحذر من عمر في سلوكه لما يعرفه من غلظته وزعارة خلقه ، حتى روي أنّه كان إذا غضب على بعض أهله لم يشتف حتى يعضّ يده! (٢)
قال ابن أبي الحديد : « وكان في أخلاق عمر وألفاظه جفاء وعُنجهية ظاهرة » (٣).
ومع هذا الخلق الجاف لم يمتنع ابن عباس من الردّ عليه بأعنف
____________
(١) موسوعة عبد الله بن عباس / ج٢ / الفصل٣.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ١٢ / ٤٤ ط محققه
(٣) نفس المصدر ١ / ١٨٣.