الردّ ما وجد إلى ذلك سبيلاً ، كما في قوله بعد محاورة طويلة جرت بينهما ، وستأتي في إحتجاجاته : « إنّ لي عليك يا أمير المؤمنين وعلى كلّ المسلمين حقاً برسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، فمن حفظه فحق نفسه حفظ ، ومن أضاعه فحق نفسه أضاع » (١).
والآن فقد تبيّن لنا وهم الزاعمين بأنّ ابن عباس أخذ عن عمر في التفسير ، وأنّه أوّل شيخ له في ذلك ، وأنّه وأنّه ...
ومن الغريب أنّهم يزعمون ذلك وأشياخهم يروون عن عمر دعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لابن عباس مرتين : « اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل » (٢) ، وهم يروون شهادة ابن مسعود فيه : « نعم ترجمان القرآن ابن عباس » (٣) ، وهم يروون قول ابن عمر فيه : « كان ابن عباس أعلم أمّة محمد بما نزل على محمد » (٤). ولم يرد ـ بسند صحيح ـ شيء يشبه ذلك في عمر.
ثم ما بال أصحاب طبقات المفسرين وطبقات القرّاء لم يذكروا أخذ ابن عباس من عمر في شيء من التفسير.
فهذا ابن الجزري ترجم ابن عباس في « غاية النهاية في طبقات القراء » وقال : « بحر التفسير وحبر الأمّة الذي لم يكن على وجه الأرض في زمانه أعلم منه ، حفظ المحكم في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم عرض القرآن كلّه على أبيّ بن كعب
____________
(١) نفس المصدر ١٢ / ٥٤.
(٢) الإصابة ٢ / ٣٢٢.
(٣) نفس المصدر ٢ / ٣٢٤.
(٤) نفس المصدر ٢ / ٣٢٤.