بالباطل تمويهاً على الناس ، فيزعمون ويوهمون بأنّ ابن عباس أخذ العلم عن عمر ، كما ذهب إليه الدارس البغدادي ، مع أنّ ابن عباس هو الذي كان يقرئ جماعة من المهاجرين ، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الرحمن بن عوف (١).
وحديث إقرائه رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف ، أخرجه الشيخان ، فهو من المتفق عليه ، وأمّا حديث إقرائه لعمر فهو عن أبي رافع خرّجه أبو حاتم كما في « ذخائر العقبى » (٢).
فكيف يصدّق الزاعمون فيما يزعمون؟! (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (٣).
وداء المغالاة في الفضائل فاشٍ في الأواخر والأوائل ، حتى لقد قال ابن أبي نجيح : « كان أصحاب ابن عباس يقولون : ابن عباس أعلم من عمر ومن عليّ ومن عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ ويعدّون أناساً ، فيثب عليهم الناس ، فيقولون لا تعجلوا علينا إنّه لم يكن أحد من هؤلاء إلاّ وعنده من العلم ما ليس عند صاحبه ، وكان ابن عباس قد جمعه كلّه » (٤).
وإذا شئنا حسم الموقف في المقام من دون تحيّز ، فلنقرأ ما قاله ابن
____________
(١) أنظر ذخائر العقبى للمحب الطبري / ٢٣٣ ، الرياض النضرة ٢ / ٧٠ ط النعساني بمصر.
(٢) ذخائر العقبى / ٢٣٣.
(٣) النمل / ٦٤.
(٤) أعلام الموقعين لابن القيم ١ / ١٥ط المنيرية.