عمر عن أبيه ـ وهو غير متهم عليه ـ : « انّ عمر تعلّم سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة ، فلمّا ختمها نحر جزوراً » ، وهذا ما أخرجه الخطيب في رواية عن مالك (١) ، وذكره القرطبي في تفسيره وفيه « بضع عشرة سنة » (٢) ، والبيهقي في « شعب الإيمان » ، والسيوطي في « الدر المنثور » (٣) ، والزمخشري في « ربيع الأبرار » ، وفيه « حفظ » بدل « تعلّم » (٤) ، والذهبي في « سير أعلام النبلاء » (٥) ، وغيرهم.
وما ورد من إستبدال « تعلم » بـ « حفظ » أحسبه من قبيل الحفاظ على مقام الخليفة ، لأنّا إذا عرفنا تاريخ سنيّ حياة عمر ، تبين لنا أنّ ما روي في مدّة تعلّمه أو حفظه لا يمكن معه تصديق الزعم بأنّه كان مفسراً ، إذ لا يمكن إستيعابه بقية القرآن في مدّة لا تفي له بذلك.
فإنّه قد أسلم في السنة السادسة من البعثة وله سبع وعشرون سنة كما قاله الذهبي (٦) ، فلو افترضنا أنّه ابتدأ بتعلمه سورة البقرة في أوّل إسلامه ، فيكون قد أنهاها وعمره تسع وثلاثون سنة ، ولمّا كان تمام عمره على أكثر تقدير (٦٣) سنة كما عن معاوية والشعبي ، أو كان (٥٥) سنة كما عن حفيده
____________
(١) شرح الموطأ للزقاني ٢ / ١٩٤.
(٢) تفسير القرطبي ١ / ٤٠.
(٣) الدر المنثور ١ / ٢١.
(٤) ربيع الأبرار ٢ / ٧٧.
(٥) سير أعلام النبلاء (١) ـ ٢ / ٥٢٠ ط دار الفكر.
(٦) نفس المصدر (١) ـ ٢ / ٥٠٩.