سالم بن عبد الله بن عمر ، أو (٥٤) سنة كما عن الزهري ـ وهذا كلّه ذكره المحب الطبري في « الرياض النضرة » في ترجمته نقلاً عن أبي عمر والحافظ السلفي ـ ولنفترض كان عمره (٦٣) سنة على أكثر تقدير ، فيعني أنّه أنهى تعلّمه البقرة قبل موته بأربع وعشرين سنة ، فهل يمكن لمثله أن يتعلم أو يحفظ بقية القرآن وهي (١١٣) سورة في أكثر من سبع وعشرين جزءاً في تلك المدّة؟ مع أنّ أيام حياته كانت حافلة بأحداث شغلته عن التعلم ، وهو الذي كان يلهيه الصفق بالأسواق كما مرّ.
فكيف يمكن لباحث متحرر من الرواسب أن يصدّق من يزعم أنّه كان مفسّراً للقرآن ، وأخذ عنه الناس ومنهم ابن عباس؟!
وحسبنا حديثه مع وافد عليه فسأله عن الناس؟ فقال : « قرأ منهم القرآن كذا وكذا ، فقال ابن عباس : ما أحبّ أن يسأل عن آي القرآن ، قال : فزبرني عمر ، فانطلقت إلى منزلي فقلت : ما أراني إلاّ سقطت من نفسه ، فبينا أنا كذلك إذ جاءني رجل فقال أجب ، فأخذ بيدي ثم خلا بي ، فقال : ما كرهت ممّا قال الرجل؟ فقلت : يا أمير المؤمنين إن كنتُ أسأتُ فأستغفر الله ، قال : لتحدثني ، قلت : إنّهم متى تنازعوا أختلفوا ، ومتى أختلفوا أقتتلوا ، قال : لله أبوك لقد كنت أكتمها الناس » (١).
فمن لم يتمكن من تعلّم القرآن تنزيلاً فضلاً عن معرفته تأويلاً ،
____________
(١) الإصابة ٢ / ٣٢٣.