كيف صار يعلّم غيره وذلك مثل ابن عباس؟!
ومن ذا يصدق بأخذ ابن عباس عنه وهو يجهل معنى الأب في قوله تعالى : (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ) (١)! وقد مرّ اعترافه بذلك على المنبر.
أو ليس ابن عباس هو القائل لسعيد بن جبير : « ألا تسألني عن آية فيها مائة آية؟ قال : ما هي؟ قال : قوله عزوجل : (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) (٢) ، قال : كلّ شيء أوتي من خير أو شر كان فتنة ، وذكر حين حمل به أمّه ، وحين وضعته ، وحين التقطه آل فرعون حتى بلغ ما بلغ ، ثم قال : ألا ترى (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) (٣) ... » ، وسيأتي الخبر بطوله.
وأمّا تفسير ابن عباس لسورة البقرة على المنبر ، فلنترك الحديث لمن رآه يخطب وهو على الموسم ، قال : « فقرأ سورة البقرة وفسرها ، فما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله ، إنّي أقول لو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت » (٤).
وربّما نتّهم بالغلوّ في ابن عباس لو ذكرنا للقارئ ما ذكره ابن الأبّار في « تكملة الصلة » : « إنّ ابن عباس كان يقول : لو فسّرت (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (٥) على كنهه ما حملت إبل الأرض كتب تفسيرها » (٦). وأحسب أنّها موضوعة من بعض المتزلفين إلى العباسيين!
____________
(١) عبس / (٣١) ـ ٣٢.
(٢) طه / ٤٠.
(٣) الأنبياء / ٣٥.
(٤) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ١ / ١٣٨.
(٥) الحمد / ٢.
(٦) تكملة الصلة ٢ / ٦٠٠ ط٢.