قال : فأيّ الخلق أعمى؟ قال : الذي عمل لغير الله ، يطلب بعمله الثواب من عند الله عزوجل.
قال : فأيّ القنوع أفضل؟ قال : القانع بما أعطاه الله تعالى.
قال : فأيّ المصائب أشدّ؟ قال : المصيبة في الدين.
قال : فأيّ الأعمال أحبّ إلى الله عزوجل؟ قال : انتظار الفرج.
قال : فأيّ الناس خير عند الله عزوجل؟ قال : أخوفهم لله ، وأعملهم بالتقوى ، وأزهدهم في الدنيا.
قال : فأيّ الكلام أفضل عند الله عزوجل؟ قال : كثرة ذكره وتضرّعه إليه (١) والدعاء.
قال : فأيّ القول أصدق؟ قال : شهادة أن لا إله إلّا الله.
قال : فأيّ الأعمال أعظم عند الله عزوجل؟ قال : التسليم والورع.
قال : فأيّ الناس أصدق؟ قال : من صدق في المواطن.
ثمّ أقبل عليّ عليهالسلام على الشيخ ، فقال : يا شيخ ، إنّ الله عزوجل خلق خلقا ضيّق الدنيا عليهم ؛ نظرا لهم ، زهّدهم فيها وفي حطامها ، فرغبوا في دار السلام التي دعاهم إليها ؛ فصبروا على ضيق المعيشة ، وصبروا على المكروه ، واشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة ، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله ، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة ، فلقوا الله عزوجل وهو عنهم راض ، وعلموا أنّ الموت سبيل من مضى ومن بقي ، فتزوّدوا لآخرتهم غير الذهب والفضّة ، ولبسوا الخشن ، وصبروا على الذلّ ، وقدّموا القوت الفضل ، وأحبّوا في الله وأبغضوا في الله أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة. والسلام.
فقال الشيخ : فأين أذهب وأدع الجنّة وأنا أراها وأرى أهلها معك؟! يا أمير المؤمنين ، جهّزني بقوّة أتقوّى بها على عدوّك. فأعطاه أمير المؤمنين سلاحا وحمله ، وكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين عليهالسلام ، يضرب قدما وأمير المؤمنين يعجب ممّا يصنع ، فلمّا اشتدّت الحرب أقدم فرسه حتّى قتل رحمهالله.
[ وأتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام فوجده صريعا ووجد دابّته ووجد سيفه في ذراعه ، فلمّا انقضت الحرب أتى أمير المؤمنين عليهالسلام بدابّته وسلاحه وصلّى أمير المؤمنين عليهالسلام عليه وقال : هذا والله السعيد حقّا فترحّموا على أخيكم ] (٢).
__________________
(١) هكذا في النسخ ، لكن في المصادر : « والتضرّع إليه ».
(٢) معاني الأخبار : ١٩٧ ـ ٢٠٠ / ٤ ، باب معنى الغايات ؛ أمالي الصدوق : ٣٢١ ـ ٣٢٣ / ٤ ، المجلس الثاني والستّون ؛ أمالي الطوسي : ٤٣٤ ـ ٤٣٧ / ٩٧٤ ، المجلس الخامس عشر. وما بين المعقوفين من المصادر.