قال محمّد بن حرب الهلالي : زدني يا بن رسول الله.
فقال عليهالسلام : إنّك لأهل للزيادة ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حمل عليّا على ظهره يريد بذلك أنّه أبو ولده ، وإمام الأئمّة من صلبه ، كما حوّل رداءه في صلاة الاستسقاء وأراد أن يعلم أصحابه بذلك أنّه قد تحوّل الجدب (١) خصبا (٢).
قال : فقلت له : زدني يا بن رسول الله.
فقال عليهالسلام : احتمل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا ، يريد بذلك أن يعلم قومه أنّه هو الذي يخفّف عن ظهر رسول الله ما عليه من الدّين والعدات والأداء عنه من بعده.
قال : فقلت : يا بن رسول الله زدني.
فقال عليهالسلام : إنّه قد احتمله وما حمل ؛ لأنّه عليهالسلام معصوم لا يحمل وزرا ، فتكون أقواله وأفعاله عند جميع الناس حكمة وصوابا.
وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ : يا عليّ إنّ الله تبارك وتعالى حمّلني ذنوب شيعتك ، ثمّ غفرها لي ، وذلك قوله عزوجل : ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) (٣).
ولمّا أنزل الله تبارك وتعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ) (٤) ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
أيّها الناس عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم ، وعليّ نفسي وأخي ، [ أطيعوا ] (٥) عليّا فإنّه مطهّر ، معصوم ، لا يضلّ ولا يشقى. ثمّ تلا هذه الآية : ( قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ ) (٦) الآية.
ثمّ قال الصادق عليهالسلام لي : أيّها الأمير لو أخبرتك بما في حمل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا عليهالسلام عند حطّ الأصنام من سطح الكعبة من المعاني التي أرادها به لقلت : إنّ جعفر بن محمّد لمجنون ، فحسبك من ذلك ما قد سمعت.
فقمت إليه وقبّلت رأسه ، وقلت : الله أعلم حيث يجعل رسالته (٧).
__________________
(١) الجدب : المحل ، نقيض الخصب ، لسان العرب ١ : ٢٥٤ ، « ج د ب ».
(٢) الخصب : نقيض الجدب وهو كثرة العشب ورفاغة العيش ، لسان العرب ١ : ٣٥٥ ، « خ ص ب ».
(٣) الفتح (٤٨) : ٢.
(٤) المائدة (٥) : ١٠٥.
(٥) أضفناه من المصدر.
(٦) النور (٢٤) : ٥٤.
(٧) معاني الأخبار : ٣٥٠ ـ ٣٥٢ / ١ ، باب معنى حمل النبيّ عليهمالسلام لعليّ عليهالسلام ؛ علل الشرائع ١ : ٢٠٦ / ١ ، باب العلّة التي من أجلها لم يطق أمير المؤمنين عليهالسلام ....