.................................................................................................
______________________________________________________
ولكن الأقوى صحّة الرجوع إلى أصالة البراءة في المقام ، فإنّ الجماعة بنفسها مصداق للواجب وأحد فرديه ، وليس شيئاً أجنبياً عنه يسقط به الفرض كالسفر بالنسبة إلى الصوم ، بل هو متّحد معه اتّحاد الطبيعي مع أفراده غايته أنّ الواجب إنّما هو الجامع المنطبق عليها تارة وعلى الفرادى اخرى ، فهما من قبيل الواجب التخييري ، كالقصر والتمام في مواطن التخيير ، وكالظهر والجمعة على القول بالتخيير بينهما.
وقد ذكرنا في محلّه أنّه لا معنى للوجوب التخييري إلّا تعلّق الحكم بالجامع بين أحد الفردين أو الأفراد ، سواء أكان مقولياً متأصّلاً أم أمراً اعتبارياً كعنوان أحد الأمرين أو الأُمور كما في خصال الكفّارات (١).
وعلى الجملة : فالواجب في المقام إنّما هو الجامع المنطبق على كلّ من الفردين ، فكلّ من الجماعة والفرادى عدل للواجب ، ولكلّ منهما حكم يخصّه.
وعليه فمرجع الشكّ في اعتبار قيد في صحّة الجماعة كعدم وجود الحائل وإن لم يكن ساتراً إلى الشكّ في متعلّق التكليف في مقام الجعل ، وأنّ الجامع الملحوظ بينهما هل لوحظ بين الفرادى وبين مطلق الجماعة ، أم لوحظ بينها وبين الجماعة المقيّدة بعدم الاشتمال على الحائل وإن لم يكن ساتراً.
ولا ريب أنّ اللحاظ على النحو الثاني يتضمّن كلفة زائدة ، وبما أنّها مشكوكة حسب الفرض فتدفع بأصالة البراءة العقلية والنقلية. وهذا الأصل حاكم على أصالة عدم المشروعية كما لا يخفى ، وبذلك تثبت مشروعية الجماعة وإن كانت فاقدة لذلك القيد.
بقيت هناك فروع أُخر تتعلّق بالمقام نتكلّم عنها عند تعرّض الماتن لها في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٤٠.