.................................................................................................
______________________________________________________
الدائرة بالإضافة إلى الكعبة ليست متساوية ، بل ما يحاذي منها الزوايا أقرب ممّا يحاذي الأضلاع بطبيعة الحال ، لفرض كون الكعبة على شكل المربّع. فالخط المقابل للضلع أبعد من الكعبة بالنسبة إلى الخط المقابل للزاوية بالضرورة.
وحينئذ فاذا فرضنا وقوف الإمام على رأس الخط المقابل لوسط الضلع أو في داخل الدائرة قريباً من الخط ، ووقوف المأموم حذاء الزاوية خارجاً عن الخطّ بمقدار نصف متر مثلاً ، فهو متأخّر عن الإمام بالقياس إلى خطوط الدائرة الوهميّة متقدّم عليه بالنسبة إلى الكعبة الشريفة ، لكونه أقرب من الإمام بالقياس إليها حسبما عرفت. ولو انعكس الموقف انعكس الحكم كما هو ظاهر.
وعليه فهل المدار في مراعاة التقدّم والتأخّر ملاحظتهما بالنسبة إلى الدائرة أم بالقياس إلى نفس الكعبة. فعلى الأوّل تصحّ جماعة المأموم في الفرض المزبور ، لكونه متأخّراً عن الإمام بلحاظ الدائرة. وعلى الثاني تبطل ، لكونه متقدّماً عليه بالنسبة إلى الكعبة الشريفة.
ذكر الماتن (قدس سره) أنّ الأحوط مراعاة كلا الأمرين ، فيقف المأموم موقفاً لا يتقدّم على الإمام بحسب الدائرة ، ولا يكون أقرب منه إلى الكعبة.
وما أفاده (قدس سره) هو الصحيح ، لما عرفت من أنّ الجواز على القول به لم يكن مستفاداً من دليل لفظي ليتمسّك بإطلاقه ، وإنّما استفيد من السيرة العملية التي هي دليل لبّي ، فلا بدّ من الاقتصار على المقدار المتيقّن منها في الخروج عن مقتضى الإطلاقات المانعة عن التقدّم على الإمام ، والمتيقّن منها ما إذا لم يتقدّم بلحاظ كلا الأمرين وإن كان متقدّماً حسب الخطوط العرضية فيقيّد الإطلاق بهذا المقدار ، ويتمسّك به فيما عداه لسلامته حينئذ عن التقييد كما لا يخفى.
ثمّ إنّ ما ذكره في المتن من الاحتياط الأخير أعني تقدّم الإمام بحسب الأمرين لا مجرّد عدم تقدّم المأموم مبنيّ على الاحتياط في عدم مساواتهما في الموقف وتقدّم الإمام عليه كما لعلّه ظاهر. والله سبحانه أعلم.