.................................................................................................
______________________________________________________
تقييد الإطلاق في الأمر الأوّل المتعلّق بطبيعي الصلاة الجامع بينها وبين الفرادى كي ينحصر امتثاله في الجماعة وتكون شرطاً في الصحّة ، إذ لا تنافي بينهما ليلتزم بالتقييد بعد اختلاف المتعلّقين.
فإنّ الأمر الأوّل قد تعلّق بطبيعي الصلاة المرخّص في تطبيقها على أيّ فرد شاء بمقتضى الإطلاق ، والثاني تعلّق بإيقاعها في ضمن هذا الفرد بملاك الوفاء بالنذر. فهناك مطلوبان قائمان بعملين مستتبعان لأمرين لا مضادّة بينهما ليرتكب التقييد بعد أن كان المقام من قبيل تعدّد المطلوب لا وحدته ، وإنّما يجب ارتكابه لو كان مفاد الأمر الثاني المنع عن تطبيق الطبيعة على الفرد الآخر ، وقد عرفت أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه.
ومع الغضّ وتسليم التنافي الموجب لسقوط الإطلاق فغايته الالتزام بثبوته على سبيل الترتّب ، بأن يؤمر أوّلاً بالصلاة جماعة ، وعلى تقدير العصيان فهو مرخّص في تطبيق الطبيعة على أيّ فرد شاء ، بل قد ذكرنا في محلّه جريان الترتّب في الأمرين (١) فما ظنّك في الأمر مع الترخيص.
فالمقام نظير المثال المعروف من الصلاة في سعة الوقت المقترنة بالإزالة فكما التزمنا هناك بعدم التنافي بين الأمر بها وبين إطلاق الأمر بالصلاة ، وعلى تقدير التنافي يثبت الإطلاق بالخطاب الترتّبي ، فكذا في المقام حرفاً بحرف.
نعم ، إنّما يجب التقييد في المقام لو كان النذر متعلّقاً بترك الصلاة فرادى لتحقّق المنافاة حينئذ ، لأجل امتناع الجمع بين التحفّظ على الإطلاق في الأمر المتعلّق بطبيعي الصلاة وبين المنع عن تطبيقه على هذا الفرد الناشئ من قبل النذر ، فلا مناص من الالتزام بالتضييق في دائرة المأمور به وتخصيصها بغير هذا الفرد ، ومن هنا قلنا بأنّ النهي عن العبادة يقتضي الفساد.
لكن الشأن في صحّة مثل هذا النذر وانعقاده ، بل الأقوى فساده ، لاعتبار الرجحان في متعلّقه ، ولا رجحان في ترك الصلاة فرادى. ومجرّد وجود
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ٩٤ ، ١٠٢ وما بعدها.