.................................................................................................
______________________________________________________
وذكر (قدس سره) أنّ المشهور لم يصرحوا بالوجوب التعبّدي ، وإنّما ذكروا صحّة الجماعة مع الإثم ، فتخيّل أنّ الإثم إنّما هو على ترك المتابعة ، ومن ثمّ نسب إليهم القول بالوجوب التعبّدي ، مع أنّه لا تلازم بين الأمرين ، إذ من الجائز أن يكون الإثم المذكور في كلامهم من أجل التشريع ، لا من أجل ترك المتابعة. فهذه النسبة غير ثابتة (١).
وكيف ما كان ، فهذه هي حال الأقوال في المسألة.
أمّا القول بالوجوب الشرطي لنفس الصلاة ، وأنّها تبطل لدى الإخلال بالمتابعة فلا مدرك له أصلاً ، إلّا أن يقال : إنّ ترك المتابعة يستوجب بطلان الجماعة وانقلابها فرادى ، ولا تشرع نيّة الانفراد أثناء الصلاة فتبطل ، ويكون محرّماً أيضاً ، لحرمة إبطال الصلاة ، فلا يمكن تصحيحها لا جماعة ولا فرادى أمّا الأوّل فلفرض الانقلاب ، وأمّا الثاني فلعدم جواز نيّة الانفراد في الأثناء. وعليه فيتّجه الحكم بالبطلان.
لكن المبنى فاسد ، لما عرفت سابقاً (٢) من جواز قصد الانفراد في الأثناء وعلى تقدير الشكّ فتكفينا أصالة البراءة. فلا مقتضي لبطلان الصلاة بوجه.
وأمّا الوجوب التعبّدي المنسوب إلى المشهور سواء صحّت النسبة أم لا فلم نعرف له وجهاً أيضاً ، فانّا إذا بنينا على أنّ ترك المتابعة والتقدّم على الإمام في بعض الأفعال لا يضر بالائتمام ، أو يضرّ ولكن غايته الانقلاب إلى الفرادى ولا مانع من نيّة الانفراد في الأثناء وأنّ المكلف مخيّر بين الجماعة والفرادى بقاء كما كان مخيّراً بينهما حدوثاً ، فما هو المقتضي بعدئذ للوجوب التعبّدي؟
وأمّا ما قيل في وجه ذلك من أنّ الإمامة من الاعتبارات المجعولة للإمام من قبل المأموم بلحاظ الأفعال الصلاتية ، كسائر الأُمور الاعتبارية مثل القضاوة والوكالة والولاية ونحوها ، ومقتضى إمامته المجعولة متابعته في الأفعال والجري
__________________
(١) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٦٤٨ السطر ١٣.
(٢) في ص ٨٧ وما بعدها.