.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا إذا بنينا على عدم الكفاية ، وقلنا كما هو الصحيح أنّ المستفاد من الأدلّة إنّما هو مشروعية الجماعة في الصلاة التي هي اسم لتمام الأجزاء بالأسر فيلزمه المتابعة في مجموع الأجزاء ، لأنّها مأخوذة في مفهوم الائتمام ، وليس على اعتبارها دليل آخر كما سبق. فالأمر المتعلّق بالجماعة معناه لزوم المتابعة في المجموع لا خصوص المعظم ، فلو خالف في جزء لم يتابع في المجموع ، فليس مصداقاً للمأمور به ، ولا تشمله أدلّة الجماعة.
فبناءً على ذلك تبطل الجماعة بالتخلّف في البعض ، وتنقلب صلاته فرادى بطبيعة الحال. ونتيجة ذلك هو الوجوب الشرطي لصحّة الجماعة الذي أنكره (قدس سره).
وعلى الجملة : فالأمر دائر بين أحد هذين المسلكين ، فامّا أن يلتزم بشمول الإطلاقات للمتابعة في المعظم فتصحّ الجماعة وإن خالف في البعض ، لكن لا تشريع حينئذ ولا إثم حتّى لو كان باقياً على عزمه من نيّة الائتمام ، إذ لم يكن متعدّيا عمّا هي وظيفته من المتابعة في المعظم حسب الفرض كي يكون عاصياً.
وإمّا أن نلتزم بعدم الشمول كما هو الصحيح فتبطل الجماعة بترك المتابعة في البعض ومن هنا ذكرنا سابقاً (١) أنّه لو قصد من الأوّل الائتمام في البعض بطلت جماعته ، لقصور الدليل عن الشمول لذلك فيدور الأمر بين صحّة الجماعة من غير إثم وبين بطلانها. فالجمع بين دعوى الصحّة وبين الإثم لأجل التشريع كما صنعه (قدس سره) باطل.
وقد اتّضح من جميع ما سردناه أنّ الأقوى هو القول بالوجوب الشرطي لصحّة الجماعة كما ظهر وجهه ممّا مرّ ، فإنّ المتابعة مأخوذة في مفهوم الائتمام فلو خالف وتقدّم في جزء فمعناه أنّه لم يتابع في هذا الفعل ، فلم يتابع في مجموع الصلاة ، ومقتضاه بطلان الجماعة لفقدان شرطها ، فطبعاً تنقلب الصلاة فرادى.
__________________
(١) في ص ٨٦.