.................................................................................................
______________________________________________________
فعدم المتابعة يوجب الإخلال بالقراءة عامداً ، فتبطل صلاته بذلك.
ويندفع : بعدم إمكان التدارك ، فإنّ القراءة وإن كانت واجبة لكنّها لا تجب مطلقاً ، بل في ظرفها ومحلّها المقرّر لها شرعاً ، وهو قبل الركوع. ومن هنا ذكرنا سابقاً (١) أنّه لو نسي القراءة في الأولتين لا تتعيّن عليه في الأخيرتين تمسّكاً بقوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (٢) ، بل التخيير بينها وبين التسبيح الثابت في الأخيرتين باقٍ على حاله.
فانّ الحديث لا يدلّ على وجوب الفاتحة في أيّ مورد كان ، بل في موطنها الخاص ، فهو كقولنا : لا صلاة إلّا بالتشهّد ، لا يدلّ إلّا على الوجوب في المحلّ المعهود الذي عيّنه الشارع وقرّره.
وبما أنّ الركوع قد تحقّق في المقام ولو سهواً فقد فات محلّ القراءة ، ولا يمكن التدارك بعدئذ حتّى بالعود والإتيان بالركوع الثاني متابعة ، فانّ هذا الركوع وإن كان جزءاً من الصلاة كالركوع الأصلي كما سبق (٣) لكن المحلّ الشرعي المقرّر للقراءة الصلاتية إنّما هو ما قبل الركوع على نحو صرف الوجود المنطبق على أوّل الوجودات.
وبعبارة اخرى : الركوع متابعة وإن كان جزءاً لكنّه جزء من صلاة الجماعة التي هي عدل للواجب التخييري في حالة خاصّة ، والركوع الأصلي جزء من طبيعي الصلاة الجامع بينها وبين الفرادى على ما بيناه سابقاً ، والمحلّ الشرعي للقراءة هو ما قبل الركوع الذي هو جزء من طبيعي الصلاة المنطبق على الوجود الأوّل ، وقد فات هذا المحلّ بالإتيان بذات الركوع المحكوم بالصحّة في نفسه حسب الفرض ، فلا يمكن التدارك ، لامتناع إعادة المعدوم ، فلو عاد وأتى بالقراءة فليست هي من القراءة الصلاتية لتكون تداركاً لما فات.
__________________
(١) شرح العروة ١٤ : ٤٥٤.
(٢) المستدرك ٤ : ١٥٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ١ ح ٥ ، راجع ص ١٨ ، الهامش (١).
(٣) في المسألة السابقة.