.................................................................................................
______________________________________________________
بعد ما عدل فلا إشكال فيه أيضاً ، فإنّ الممنوع إنّما هو قطع الفريضة على كلام فيه ، وأمّا النافلة فلا إشكال في جواز قطعها اختياراً ، لعدم الدليل على حرمته أصلاً كما لا يخفى.
وأمّا لو كان بانياً على القطع من الأوّل فمشروعيّة مثل هذا العدول مشكل في حدّ نفسه ، لعدم تحقّق مفهوم العدول مع هذا البناء ، إذ هو ليس من العدول إلى النافلة في شيء كما لا يخفى.
وقد يقال : بجواز القطع من غير عدول ، استناداً إلى رواية قرب الإسناد المتقدّمة : «عن الرجل يصلّي له أن يكبّر قبل الإمام؟ قال : لا يكبّر إلّا مع الإمام ، فإن كبّر قبله أعاد التكبير» (١) ، فإنّ الإعادة مساوقة للقطع.
وفيه : ما عرفت من أنّ الرواية أوردها صاحب الوسائل في باب صلاة الجنازة قائلاً : إنّ الحميري أوردها كذلك ، وأنّه يظهر (٢) أنّها كانت كذلك في كتاب علي بن جعفر. فهي مربوطة بذاك الباب وأجنبية عن المقام.
وعلى تقدير شمولها للمقام أو اختصاصها به لظهور الصلاة في كونها صلاة حقيقية ذات ركوع وسجود ، فقد ذكرنا أنّها ضعيفة السند بعبد الله بن الحسن فلا تصلح للاستدلال ، هذا أولاً.
وثانياً : على تقدير الإغماض فالدلالة قاصرة ، لأنّ المذكور فيها : «عن الرجل يصلّي» وظاهر كلمة «يصلّي» أنّه متشاغل ومتلبّس بالصلاة فعلاً. وحمله على من يريد الصلاة ليراد من التكبير تكبيرة الإحرام خلاف الظاهر جدّاً ، لا يصار إليه من غير قرينة. فلا بدّ وأن يكون المراد التكبيرات المستحبّة كتكبير الركوع أو السجود ونحوهما ، فتكون أجنبية عن المقام أيضاً ، هذا.
ومع ذلك فالظاهر جواز القطع من غير عدول ، لما ذكرنا في محلّه من أنّه ليس هناك دليل لفظي على حرمة قطع الفريضة ليتمسّك بإطلاقه ، وإنّما الدليل
__________________
(١) الوسائل ٣ : ١٠١ / أبواب صلاة الجنازة ب ١٦ ح ١ ، قرب الإسناد : ٢١٨ / ٨٥٤.
(٢) راجع ص ٢٤٩ ، هامش رقم (٤).