.................................................................................................
______________________________________________________
وقد يقال : إنّ قوله «فلا يمهله حتّى يقرأ» قرينة واضحة على أنّ المراد إدراكه قائماً لا راكعاً ، كيف والقراءة ساقطة عنه لدى إدراكه في الركوع فلا موضوع للقراءة حتّى يمهله الإمام أو لا يمهله. فلا مناص من إرادة دركه في حال القيام وتكليفه بالقراءة ، كي يصحّ التعبير بعدم إمهاله حتّى يقرأ.
وفيه : أنّ المتيقّن ممّا قامت عليه الأدلّة أنّ من أدرك الإمام راكعاً لا تجب عليه القراءة (١) وأنّها ساقطة عنه ، بمعنى أنّه يجوز له تركها ، وأمّا أنّها غير مشروعة منه حينئذ فكلّا ، إذ لا يكاد يستفاد ذلك من شيء من الأدلّة كي ينافي إطلاقات مشروعية القراءة ، فيجوز له أن يقرأ ، سيما مع الإسراع أو إطالة الإمام في ركوعه ، بحيث يدركه قبل رفع رأسه عنه.
وعليه فلا شهادة في قوله : «فلا يمهله حتّى يقرأ» على إرادة الإدراك قائماً لمجامعته مع الإدراك راكعاً أيضاً حسبما بيّناه ، وإن كانت القراءة حينئذ جائزة لا واجبة ، نعم الغالب في الخارج ترك القراءة حينئذ ، لعدم وجوبها وعدم إمهال الإمام لها ، لكنّه ربما يتّفق مع تخيّل الإمهال. والسؤال في الصحيحة محمول على غير الغالب ، بقرينة ما عرفت من لزوم حملها على إدراك الإمام راكعاً ، حيث إنّه الجزء الأخير ممّا يدرك من آخر صلاته.
لا يقال : كيف تجوز القراءة منه حينئذ مع منافاتها للمتابعة الواجبة عليه؟
فإنّه يقال : إنّما تجب عليه المتابعة بعد اتّصافه بعنوان الائتمام المتوقّف على إدراك ركوع الإمام ، فقبل أن يركع لم يكن مؤتمّاً بعدُ كي تجب عليه المتابعة وإنّما تتحقّق منه الجماعة ويتّصف بالمأمومية الموضوع لوجوب المتابعة في الآن المستقبل ، أعني بعد ما لحق الإمام في ركوعه وأدركه فيه كما نطقت به الروايات الواردة في من كبّر والإمام راكع.
فان قلت : إذا لم يكن مأموماً حينما يقرأ وقبل أن يركع فهو منفرد لا محالة
__________________
(١) وقد تقدّم بعضها في ص ١٠٠.