.................................................................................................
______________________________________________________
إنّما الكلام في القراءة الاستحبابية كما في الأولتين من الجهريّة مع عدم سماع صوت الإمام حتّى الهمهمة ، حيث يستحبّ فيهما القراءة للمأموم كما مرّ (١) فهل يتعيّن عليه الإخفات حينئذ أو الجهر أو يتخيّر بين الأمرين؟ وجوه ، بل أقوال.
اختار في المستند الأخير (٢) بدعوى قصور أدلّة الجهر عن الشمول للمقام لانصرافها إلى القراءة الواجبة كما في الإمام والمنفرد. وحيث لا دليل على الإخفات أيضاً فلا محالة يتخيّر بينهما.
وقد يقال بتعيّن الجهر ، نظراً إلى خلوّ نصوص الباب عمّا يدلّ على وجوب الإخفات في المقام ، وعليه فبما أنّ الأمر الاستحبابي المتعلّق بالقراءة ظاهر في اتّحاد المأمور به مع قراءة المنفرد في جميع الخصوصيات حتّى من حيث الجهر والإخفات ، فنفس تلك الماهية على ما هي عليه مورد للاستحباب ، وبما أنّ الجهر معتبر في تلك القراءة لكون الصلاة جهرية فكذا في المقام.
ولكن الظاهر تعيّن الإخفات كما اختاره في المتن ، وتدلّنا عليه مضافاً إلى ما ورد في المأموم المسبوق من أنّه يخفت كما مرّ ، وما ورد في إسماع الإمام وإنصات المأموم له ، وعدم رفع صوته في أذكاره وأقواله ، حيث يستأنس منها أنّ الإخفات للمأموم من أحكام الجماعة وخصوصياتها على الإطلاق ، من غير اختصاص لمورد دون مورد صحيحة قتيبة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا كنت خلف إمام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسك ...» إلخ (٣).
فانّ قوله : «لنفسك» بمثابة قوله : في نفسك ، أي في ضميرك ، وهو كناية عن الإخفات ، وإلّا فكلّ أحد يقرأ لنفسه لا لغيره.
__________________
(١) في ص ٢١٥ وما بعدها.
(٢) المستند ٨ : ١٥٠.
(٣) الوسائل ٨ : ٣٥٧ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٧.