.................................................................................................
______________________________________________________
أقول : أمّا أوّل الاحتمالين فهو وإن كان ممكناً ثبوتاً ، ولا مانع عنه في حدّ نفسه ، إلّا أنّه لا دليل عليه في مرحلة الإثبات ، فإنّ مشروعيّة القراءة التلفيقية التي هي على خلاف الأصل تحتاج إلى دليل مفقود. وظاهر قوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (١) لزوم الإتيان بتمام القراءة إمّا بنفسه أو بمن يقوم مقامه ، وهو الإمام بمقتضى أدلّة الضمان ، وأمّا المركّب منهما فهو مخالف لظاهر الأمر ، ومناف لمقتضى الأصل كما عرفت.
وأمّا ثاني الاحتمالين الذي ذكره أخيراً فهو أيضاً ساقط ، إذ المستفاد من أدلّة الضمان على اختلاف ألسنتها من أنّه يكِلها إلى الإمام ، أو يجزيك قراءته ، أو أنّه ضامن ، ونحو ذلك ، أنّ الساقط إنّما هو قيد المباشرة لا أصل القراءة ، فهي باقية على وجوبها ما لم يؤدّها بنفسها أو ببدلها الصحيح ، والمفروض انتفاء كلا الأمرين. فهذان الاحتمالان ساقطان لضعفهما جدّاً.
فيبقى الإشكال الذي ذكره أوّلاً ، وهو في محلّه ، لما عرفت في تقريره من أنّ المأموم لا يشذّ عن غيره في مشموليّته للخطاب المتعلّق بالقراءة بمقتضى عموم «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» إذ لا تخصيص في هذا العام.
غاية الأمر ثبت اجتزاؤه في مرحلة الامتثال بقراءة الإمام على ما تقتضيه أدلّة الضمان ، وأنّه يكِلها إليه ، وقراءته قراءته ، ويكون الواجب إمّا التصدّي للقراءة أو إيكالها إلى الإمام باختيار الجماعة ، فالساقط ليس إلّا خصوص التصدّي لها بنفسه أعني قيد المباشرة دون أصل الوجوب ، فيكتفي ببدلها عوضاً عن نفسها.
ولا ريب أنّ هذا الإيكال والتضمين خاصّ بما إذا خرج الإمام عن عهدة الضمان حسب اعتقاد المضمون عنه ، كي يتحقّق البدل الصحيح الذي كلّف به المأموم عوضاً عن القراءة التي أُمر بها ، إذ لو كانت فاسدة عنده فوجودها
__________________
(١) المستدرك ٤ : ١٥٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ١ ح ٥ ، راجع ص ١٨ ، الهامش (١).