.................................................................................................
______________________________________________________
أمّا في غير الأركان كما لو كان رأي الإمام جواز الاقتصار على الواحدة في التسبيحات الأربع ، أو عدم وجوب جلسة الاستراحة ، والمأموم يرى الوجوب أو التثليث ، فالظاهر جواز الائتمام أيضاً ، لصحّة صلاة الإمام حينئذ حتّى واقعاً ، بمقتضى حديث لا تعاد ، الشامل لمطلق المعذور وإن لم يتعلّق به حكم ظاهري من أجل فساد زعمه الموجب لكون ما اعتقده من الصحّة أمراً خيالياً لا شرعياً ظاهرياً ولا واقعياً ، إذ لا يدور شمول الحديث مدار تعلّق الأمر الظاهري ، بل هو عامّ لكافّة المعذورين ومنهم المقام.
فلا فرق بين ما نحن فيه وبين ائتمام أحد المجتهدين المختلفين في الفتوى بالآخر ، الذي عرفت صحّته سابقاً (١) إذا كان الاختلاف فيما عدا الأركان ، في أنّ كلا منهما مشمول لحديث لا تعاد ، وإن اختصّ أحدهما بالحكم الظاهري لصحّته في دعوى الاجتهاد دون الآخر.
وأمّا إذا تعلق الاختلاف بالأركان كما لو اختلفا في موارد التيمّم والجبيرة أو الركوع والإيماء إليه ، أو في خصوصيات الغسل ونحو ذلك ممّا هو داخل في عقد الاستثناء من حديث لا تعاد ، فحيث إنّ المأموم يرى بطلان صلاة الإمام حينئذ بحسب الواقع وإن كان هو معذوراً فيه لقصوره لا يسوغ له الائتمام به ، كما كان هو الحال في المجتهدين أو المقلّدين لمجتهدين مختلفين في الفتوى على ما ذكرناه سابقاً.
وعلى الجملة : لا فرق بين المجتهد أو المقلّد بالميزان الصحيح وبين من يزعم الاجتهاد أو من يقلّد من لا أهليّة له في جريان التفصيل الذي ذكرناه سابقاً بين الأركان وغيرها ، من صحّة الائتمام في الثاني لحديث لا تعاد دون الأوّل وأنّ الحديث إن جرى ففي كليهما ، وإلّا فلا يجري في شيء منهما. ومجرّد اختصاص أحدهما بالحكم الظاهري دون الآخر لا يصلح فارقاً فيما نحن فيه بعد شمول الحديث لمطلق المعذور كما عرفت.
__________________
(١) في ص ٣٠١ ٣٠٢.