.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا رواية الكليني فدلالتها على اعتبار العدالة قاصرة ، فانّ الوثوق بالدين في حدّ نفسه وإن كان ظاهراً فيها ، إذ الدّين مركّب من الأُصول والفروع فالوثوق به معناه الاطمئنان بعقيدته وبالتزامه وتديّنه بما دان بعدم التعدّي عن الحدود الشرعية ، الذي هو معنى العدالة.
لكنّه في خصوص المقام لا ظهور له إلّا في الوثوق بعقيدته وأُصول دينه دون الفروع ، لقول الراوي في صدر الحديث : «إنّ مواليك قد اختلفوا ...» إلخ فإنّه ناظر إلى اختلافهم بحسب العقائد والمسالك ، حيث كان دارجاً وشائعاً يومئذ بين مواليه ، فكان منهم الواقفي والفطحي والزيدي والقدري وبعضهم من المجسمة وغير ذلك من سائر فرق العامّة ، فسأل عن جواز الصلاة خلفهم جميعاً ، فأجاب عليهالسلام إنّه «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه» أي صحّة عقيدته ، فلا نظر فيها إلى الفروع بوجه كي تدلّ على اعتبار العدالة كما لا يخفى.
وبعين هذا البيان يظهر الجواب عن رواية يزيد بن حمّاد عن أبي الحسن عليهالسلام قال «قلت له : أُصلّي خلف من لا أعرف؟ فقال : لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه» (١) ، فانّ من لا يعرفه مجهولةٌ عقيدتُه لا محالة ، هذا.
مع أنّ الروايتين كلتاهما ضعيفتان ، أمّا الأخيرة فبآدم بن محمد وعلي بن محمد ، وأمّا الاولى فبسهل بن زياد. مع أنّ في طريق الكليني شيخه علي بن محمد ، وفي طريق الشيخ إلى سهل بنُ أبي جيد (٢).
ومنها : رواية البصري عن جعفر بن محمد عليهالسلام : «أنّه سأل عن القراءة خلف الإمام ، فقال : إذا كنت خلف الإمام تولّاه وتثق به فإنّه يجزيك قراءته ...» إلخ (٣).
وفيه : بعد تسليم الدلالة وعدم الخدش فيها بإرادة كون الإمام من أهل
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٣١٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٢ ح ١.
(٢) الفهرست : ٨٠ / ٣٢٩.
(٣) الوسائل ٨ : ٣٥٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ١٥.