.................................................................................................
______________________________________________________
كانت هي العموم من وجه ، فانّ المحدود يعمّ من تاب فصار عادلاً يوثق بدينه ومن لم يتب ، كما أنّ تلك الروايات تعمّ المحدود التائب وغير المحدود فيتعارضان في المحدود بعد ما تاب.
لكن لا بدّ من تقديم الصحيحة عليها لمرجّح فيها ، وهو ما أشرنا إليه في مطاوي هذا الشرح مراراً ، من أنّ في موارد التعارض بالعموم من وجه إذا لزم من تقديم أحد الدليلين إلغاء العنوان المذكور في الآخر بالكلّية تعيّن الآخر في الترجيح ، وذكرنا لهذا الضابط موارد :
منها : الروايات الدالّة على اعتصام الجاري إذا كانت له مادّة (١) المعارضة بمفهوم قوله عليهالسلام : إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء (٢) بالعموم من وجه ، إذ مقتضى الإطلاق في الأوّل عدم الفرق بين القليل والكثير ، كما أنّ مقتضى إطلاق الثاني عدم الفرق بين الجاري وغيره ، فيتعارضان في مادّة الاجتماع ، وهي القليل الجاري الذي له مادّة ، فإنّ مقتضى الأوّل الاعتصام ومقتضى الثاني الانفعال.
لكن لا محذور في تقديم الأوّل ، إذ غايته تقييد المفهوم واختصاصه بالقليل غير الجاري ، وهذا بخلاف العكس ، إذ لو قدّم الثاني وحكم بانفعال القليل وإن كان جارياً لزم إلغاء عنوان الجاري المذكور في تلك الروايات بالكلّية ، إذ لم يبق تحتها إلّا الكثير المعتصم في حدّ نفسه وبعنوان الكثرة ، فلم تبق لصفة الجريان خصوصية أبداً ، ويكون ذكرها لغواً محضاً. فحذراً عن هذا المحذور يتعيّن الأوّل في الترجيح.
ومنها : ما ورد من أنّ كلّ طائر يطير بجناحيه فلا بأس ببوله وخرئه (٣) المعارض مع قوله : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (٤) بالعموم من
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٤٣ / أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ٤ وغيره.
(٢) الوسائل ١ : ١٥٨ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١ ، ٢ ، ٥ وغيرها.
(٣) الوسائل ٣ : ٤١٢ / أبواب النجاسات ب ١٠ ح ١.
(٤) الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.