.................................................................................................
______________________________________________________
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ منشأ الشكّ في البطلان عند العلم بترك القراءة هو أحد أمرين على سبيل منع الخلوّ ، إمّا هو الشكّ فيما نواه من الائتمام وعدمه مع العلم فعلاً بأنّ صاحبه قد نوى الائتمام به ، وإمّا هو العكس ، أي الشكّ فيما نواه صاحبه مع العلم بأنّه قد نوى الائتمام ، ولا منشأ له وراء هذين كما هو ظاهر بملاحظة ما مرّ ، فهاهنا صورتان :
ففي الأُولى : يشكّ في بطلان الصلاة لأجل التردّد في استناد ترك القراءة إلى الغفلة كي يحكم بالصحّة بحديث «لا تعاد الصلاة ...» أو إلى نيّة الائتمام كي تبطل للنصّ المتقدّم.
والمتّجه حينئذ الحكم بالصحّة ، استناداً إلى أصالة عدم الائتمام ، السليمة عن المعارضة بأصالة عدم نيّة الإمامة ، إذ لا أثر لها بعد وضوح عدم كون نيّة الإمامة شرطاً في صحّة الجماعة فضلاً عن صحّة الصلاة.
وليس المقصود من إجراء الأصل المذكور إثبات كونه قد نوى الإمامة أو الانفراد حتّى يكون الأصل مثبتاً ، إذ يكفينا مجرّد نفي سبب البطلان وهو الائتمام بالأصل ، غايته ترك القراءة ، ولا ضير فيه ، لتصحيح ذلك بحديث «لا تعاد الصلاة ...» ، وهذا من غير فرق بين ما إذا كان حدوث الشكّ في الأثناء أم بعد الفراغ.
نعم ، على الأوّل يلزمه البناء على الانفراد بعد الشكّ كما ذكره المصنّف (قدس سره) ، إذ لا يسعه البناء على الجماعة بعد التعبّد بعدم الدخول في الصلاة بنيّة الائتمام بمقتضى الأصل المزبور. ومن الواضح عدم مشروعية الاقتداء في الأثناء ، على أنّ المفروض هو علمه فعلاً بائتمام صاحبه فكيف يأتمّ هو به أيضاً؟ وهو ظاهر.
وكيف كان ، فمستند الحكم بالصحّة حتّى فيما إذا كان الشكّ بعد الفراغ هو أصالة عدم الائتمام كما عرفت ، لا قاعدة الفراغ ، إذ لا مجال لجريانها لاختصاصها بمقتضى التعليل بالأذكرية والأقربية إلى الحقّ الوارد في ذيل