وتجسّدت في شخصية أبي الأحرار جميع القِيَم الإنسانية والمثُل العليا ، والتقت به عناصر النبوّة والإمامة ، فكان بحكم مثُله وتهذيبه فذّاً من أفذاذ التكامل الإنساني ، ومثلاً رائعاً من أمثلة الرسالة الإسلامية ، فهو ـ بحق ـ الاُطروحة الخالدة للإسلام بجميع طاقاته ومقوّماته.
إنّ أيّة صفة من صفات أبي الشهداء أو نزعة من نزعاته الكريمة لترفعه عالياً على جميع عظماء العالم ، وتدفع إلى القول ـ بلا مغالاة ـ : إنّه نسخة لا ثاني لها في تاريخ البشرية على الإطلاق ما عدا جدّه وأبيه ، ونعرض ـ بإيجاز ـ إلى بعض خصائصه وذاتيّاته.
الإمام الحسين أحد الكواكب المشرقة من أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) الذين استكملت فيهم الصفات الإنسانية ، وبلغوا ذروة الكمال المطلق ، وأقاموا منار هذا الدين ، ورفعوا شعار الحق والعدل في الأرض ، وتبنّوا القضايا المصيرية للإسلام ، وعانوا في سبيله جميع ألوان الكوارث والخطوب ، ولاقوا كل جهد وضيق من جبابرة عصورهم الذين اتّخذوا مال الله دولاً وعباد الله خولاً.
وقد نظر النبي (صلّى الله عليه وآله) ـ وهو يوحى إليه ـ من خلال الأحقاب المترامية إلى الأئمة الطاهرين من أهل بيته فعرّفهم بأسمائهم وصفاتهم ، ودلّل بنصوصه العامّة والخاصّة على أنّهم خلفاؤه وأوصياؤه ، وأنّهم سفن النجاة وأمن العباد ، وقرنهم بكتاب الله العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وقد ألمعنا إلى الكثير من تلكم النصوص في البحوث