وإنما كان يبغي تحقيق أهداف الاُمّة ، وإعادة الحياة الإسلاميّة إلى مجراها الطبيعي ... وأصرّت الجماهير على انتخابه قائلة : ما نختار غيرك.
ولم يعنَ بهم الإمام ، وإنما أصرّ على الامتناع والرفض ، ولكن الثوار لم يجدوا أحداً خليقا بإدارة شؤون الاُمّة غير الإمام الذي توفّرت فيه جميع الصفات القيادية من الصلابة للحق ، والقدرة على تحمّل المسؤولية ، فأصرّت على فكرتها في ترشيحه للخلافة.
وعقدت القوات العسكرية مؤتمراً خاصّاً بعد امتناع الإمام من إجابتها ، عرضت الأحداث الخطيرة التي تواجه الاُمّة إن بقيت بلا إمام ، وقد قرّرت على إحضار المدنيِّين وتهديدهم بقوة السلاح إن لم ينتخبوا إماماً للمسلمين ، ولمّا حضروا قالوا لهم : أنتم أهل الشورى ، وأنتم تعقدون الإمامة ، وحكمكم جائز على الاُمّة ؛ فانظروا رجلاً تنصبونه ، ونحن لكم تبع ، وقد أجّلناكم يومكم. فوالله لئن لم تفرغوا لنقتلنّ علياً وطلحة والزبير ، وتذهب من اُضحية ذلك اُمّة من الناس (١).
وفزع المدنيّون وعلاهم الرعب ، وخيّم عليهم الذعر ، فهرعوا إلى الإمام (عليه السّلام) وهم يهتفون :
البيعة البيعة!
أما ترى ما نزل بالإسلام ، وما ابتلينا به من أبناء القرى؟!
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٨٠.