وإنما فرضه عليهم جميعاً ، ومن الطبيعي أنه بذلك قد شق على كثير من أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله) فقد حال بينهم وبين حريّاتهم.
وسلك عمر ما سلكه أبو بكر في إبعاد الاُسرة الهاشمية عن جهاز الحكم ، فلم يجعل لها أيّ نصيب فيه ، وإنما عهد إلى مَن ولاّهم أبو بكر فأقرّهم في مناصبهم ، ومن الغريب أنه لم يعين أيّ واحد من الصحابة النابهين أمثال طلحة والزبير ، وقد قيل له : إنك استعملت يزيد بن أبي سفيان ، وسعيد بن العاص ، وفلاناً وفلاناً من المؤلّفة قلوبهم من الطلقاء وأبناء الطلقاء ، وتركت أن تستعمل علياً والعباس ، والزبير وطلحة؟!
فقال : أمّا عليٌّ فأنبه من ذلك ؛ وأمّا هؤلاء النفر من قريش فإنّي أخاف أن ينتشروا في البلاد فيكثروا فيها الفساد. وعلّق ابن أبي الحديد على كلامه هذا بقوله : فمَن يخاف من تأميرهم لئلاّ يطمعوا في الملك ، ويدّعيه كل واحد منهم لنفسه كيف لم يخف من جعلهم ستة متساويين في الشورى ، مرشّحين للخلافة؟! وهل شيء أقرب إلى الفساد من هذا (١).
وكان عمر شديد المراقبة لعماله وولاته ، فكان لا يولي عاملاً إلاّ أحصى عليه ماله ، وإذا عزله أحصاه عليه حين العزل ، فإن وجد عنده فرقاً قاسمه
__________________
(١) نهج البلاغة ٩ / ٢٠ ـ ٣٠.