للإمام (عليه السّلام) تراث رائع خاض في جملة منه مجموعة من البحوث الفلسفية والمسائل الكلامية التي مُنيت بالغموض والتعقيد ، فأوضحها وبيّن وجهة الإسلام فيها ، كما خاض في كثير من كلماته اُصول الأخلاق وقواعد الآداب ، وأسس الإصلاح الاجتماعي والفردي ، ونتعرض فيما يلي لبعض ما اُثر عنه :
من أهمّ المسائل الكلامية وأعمقها مسألة القدر ، فقد اُثير حولها الكلام منذ فجر التاريخ الإسلامي ، وقد تصدّى أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) لبيانها ودفع الشبهات عنها ، وقد سأل الحسن بن الحسن البصري الإمام الحسين عنها ، فأجابه (عليه السّلام) برسالة هذا نصّها : «اتّبع ما شرحت لك في القدر ممّا أفضى إلينا أهل البيت ؛ فإنّه مَن لم يؤمن بالقدر خيره وشرّه كفر ، ومَن حمل المعاصي على الله عزّ وجلّ فقد افترى على الله افتراءً عظيماً ، وإنّ الله لا يُطاع بإكراه ، ولا يُعصى بغلبة ، ولا يهمل العباد في الهلكة ، لكنه المالك لِما ملكهم ، والقادر لِما عليه أقدرهم ، فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن الله صادراً عنها مبطئاً ، وإن ائتمروا بالمعصية فشاء أن يمنّ عليهم فيحول بينهم وبين ما ائتمروا به فعل ، فليس هو حملهم عليها قسراً ، ولا كلّفهم جبراً ، بل بتمكينه إيّاهم بعد إعذاره وإنذاره لهم