وأفل نجم الأنصار ، وضاعت أمانيهم ، وعرّاهم الذلّ والهوان ، وقد عبّر عن خيبة أملهم حسان بن ثابت بقوله :
نصرنا وآوينا النبيَّ ولم نخفْ |
|
صروفَ الليالي والبلاءَ على وجلِ |
بذلنا لهم أنصافَ مالِ أكفَّنا |
|
كقسمةِ أيسارِ الجزورِ من الفضلِ |
فكان جزاءُ الفضل منّا عليهمُ |
|
جهالتهمْ حمقاً وما ذاك بالعدلِ (١) |
وقوبلت الأنصار بمزيد من الهوان في كثير من عهود الخلفاء ، وقد استبان لهم الخطأ الفظيع في تقصيرهم بحق الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وأنهم قذفوا بنفوسهم في متاهات سحيقة من هذه الحياة.
واتّفق المؤرّخون على أنّ موقف أهل البيت (عليهم السّلام) تجاه خلافة أبي بكر قد تميّز بالكراهة ، فقد كانوا لا يخالجهم ريب في أنهم أحقّ بالأمر وأولى به من غيرهم ؛ لأنهم أقرب الناس وألصقهم برسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، بالإضافة إلى ما تتوفر فيهم من القابليّات الفذّة والقدرة على تحمّل المسؤولية وقيادة الاُمّة ، ولكن القوم لم يعنوا بهم ، وتجاهلوا عامدين مكانتهم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقابلوهم بمزيد من العنف ؛ مما أدّى إلى تشعّب صدع الاُمّة ، وجرّ الويلات والخطوب لها في جميع مراحل التاريخ.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٦ / ١٠ ـ ١١.