واستولى أبو بكر على جميع ما تركه النبي (صلّى الله عليه وآله) من بلغة العيش فلم يبقِ ولم يذر منه أي شيء وإنما حازه إلى بيت المال ، وقد سدَّ بذلك على العترة الطاهرة أيّ نافذة من مواردها المعاشية ، وفرض عليها حصاراً اقتصادياً لا تطيق معه من القيام بأيّ حركة ضدّه.
وكانت حجة أبي بكر في مصادرته لتركة النبي (صلّى الله عليه وآله) وحرمان ورثته منها ما رواه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : لا نورّث ما تركناه صدقة (١) ؛ ولهذا الحديث استند أبو بكر في حجب سيّدة النّساء فاطمة (عليها السّلام) عن إرثها من أبيها.
وقد وُصم هذا الحديث بالوهن والضعف :
١ ـ إنه لو كان صحيحاً ومعتبراً لعرفته سيّدة النّساء فاطمة (عليها السّلام) ، وما دخلت ميدان المخاصمة والمحاججة معه ، وكيف تطالبه وهي سليلة النبوة بأمر لم يكن مشروعاً لها؟
٢ ـ إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) كيف يحجب عن بضعته أمراً يرجع إلى تكليفها الشرعي ؛ فإن في ذلك تعريضاً للاُمّة للهلاك وإلقاء لها في ميدان الخصومة.
٣ ـ إنه من الممتنع أن يحجب النبي هذا الحديث عن الإمام ، وهو حافظ سرّه ، وباب مدينة علمه ، وباب دار حكمته وأقضى اُمّته ، وأبو
__________________
(١) بلاغات النساء / ١٩ ، أعلام النساء ٣ / ١٢٠٧ ، شرح ابن أبي الحديد.