هذا البيت إن كان من تركة النبي (صلّى الله عليه وآله) فإنه لم يؤثر عنه أنه وهبه لعائشة ، فلا بدّ أن يكون خاضعاً لقواعد الميراث حسبما تراه العترة الطاهرة في تركة النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وعلى هذا الرأي فلا يحلّ دفنه فيه إلاّ بعد الإذن منها ، ولا موضوعية لإذن عائشة ؛ لأنها إنما ترث من البناء لا من الأرض حسب ما ذكره الفقهاء في ميراث الزوجة. وإن كان البيت خاضعاً لعملية التأميم حسبما يرويه أبو بكر عن النبي (صلّى الله عليه وآله) من أنّ الأنبياء لا يورّثون أي شيء من متع الدنيا ، وإنما يورّثون الكتاب والحكمة ، وما تركوه فهو صدقة لعموم المسلمين ، فلا بدّ إذاً من إرضاء جماعة المسلمين في دفنه فيه ، ولم يتحقق كل ذلك بصورة مؤكدة :
وعلى أيّ حال ، فقد انتهت خلافة أبي بكر القصيرة الأمد ، وقد حفلت بأحداث رهيبة ، وكان من أخطرها ـ فيما يقول المحققون ـ معاملة العترة الطاهرة كأشخاص عاديِّين قد جرّد عنها إطار التقديس والتعظيم الذي أضفاه النبي (صلّى الله عليه وآله) عليها. وقد مُنيت بكثير من الضيم والجهد ؛ فقد كانت ترى أنها أحقّ بمقام النبي (صلّى الله عليه وآله) وأولى بمكانته من غيرها ، وقد أدّى نزاعها مع أبي بكر إلى شيوع الاختلاف وإذاعة الفتنة والفرقة بين المسلمين ، كما أدّى إلى إمعان الحكومات التي تلت حكومة الخلفاء إلى ظلمهم واستعمال البطش والقسوة معهم ، ولعلّ أقسى ما عانوه من الكوارث هي فاجعة كربلاء التي لم ترعَ فيها أيّ حقّ لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) في عترته وأبنائه.
ومهّد أبو بكر الخلافة من بعده إلى عمر فتولاّها بسهولة ويُسر ، من غير أن يلاقي أيّ جهد أو عناء ، وقد قبض على الحكم بيد من حديد ، فساس