وهرع المسلمون وهم ما بين واجم ونائح ، قد مادت بهم الأرض وذهلوا حتّى عن نفوسهم قد عرّتهم الحيرة والذهول.
وتولّى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) تجهيز النبي (صلّى الله عليه وآله) ولم يشاركه أحد فيه ، فقام بتغسيله وهو يقول : «بأبي أنت واُمّي! لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء وأخبار السماء. خصصت حتّى صرت مسلّياً عمّن سواك ، وعممت حتّى صار الناس فيك سواء ، ولولا أنك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع لأنفذنا عليك ماء الشؤون ، ولكان الداء مماطلاً ، والكمد محالفاً» (١).
وكان العباس عمّ النبي (صلّى الله عليه وآله) واُسامة يناولانه الماء من وراء الستر (٢) ، وكان الطيب يخرج من بدن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والإمام يقول : «بأبي أنت واُمّي يا رسول الله! طبت حيّاً وميّتاً» (٣). وكان الماء الذي
__________________
(١) نهج البلاغة ـ محمد عبده ٢ / ٢٥٥.
(٢) وفاء الوفاء ١ / ٢٢٧ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٦٣ ، وفي كنز العمال ٤ / ٥٣ : إنّ علياً غسّل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وكان الفضل بن العباس واُسامة يناولانه الماء ، وفي البداية والنهاية ٥ / ٢٦٠ : إنّ أوس بن خولى الأنصاري ـ وكان بدرياً ـ نادى : يا علي ، ننشدك الله وحظّنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال علي : «ادخل». فدخل فحضر غسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ولم يلِ من غسله شيئاً.
(٣) طبقات ابن سعد / القسم الثاني / ٦٣.