واحتفت الصحابة بالإمام الحسين احتفاءً بالغاً ، وقابلوه بمزيد من التكريم والتعظيم ، وأحلّوه محلّ جدّه العظيم (صلّى الله عليه وآله) ، وقد وجدوا فيه ما يرومونه من العلم والتقوى والحريجة في الدين ، ويقول المؤرّخون : إنّه كان يحنو عليهم ويحدب على ضعفائهم ، ويشاركهم في البأساء والضراء ، ويصفح عن مسيئهم ، ويتعهّد جميع شؤونهم كما كان يصنع معهم جدّه الأعظم (صلى الله عليه وآله).
وتسابق أعلام الصحابة ووجوههم للقيام بخدمته وخدمة أخيه الزكي الإمام أبي محمد الحسن (عليه السّلام) ، وكانوا يرون أنّ أيّة خدمة تسدى لهما فإنّما هي شرف ومجد لمَن يقوم بها ، فهذا عبد الله بن عباس حبر الاُمّة ، على جلالة قدره وعظيم مكانته بين المسلمين ، كان إذا أراد الحسن والحسين أن يركبا بادر فأمسك لهما الركاب ، وسوى عليهما الثياب معتزّاً بذلك. وقد لامه على ذلك مدرك بن زياد أو ابن عمارة ، فزجره ابن عباس وقال له : يا لكع ، أو تدري مَن هذان؟ هذان ابنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، أو ليس مما أنعم الله به عليّ أن أمسك لهما الركاب ، واُسوي عليهما الثياب؟ (١).
وبلغ من تعظيم المسلمين ، وتكريمهم لهما أنّهما لمّا كانا يَفِدان إلى بيت الله الحرام ماشيين يترجّل الركب ـ الذي يجتازان عليه ـ تعظيماً لهما ، حتّى شَقَ المشي على كثير من الحجّاج فكلّموا أحد أعلام الصحابة ، وطلبوا منه أن يعرض عليهما الركوب أو التنكّب عن الطريق ، فعرض عليهما ذلك ،
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٢١٢ ، مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ١٤٣.