هؤلاء بعض ولاة عثمان وكلّهم من بني اُميّة وآل أبي معيط ، ولم يمنحهم الحكم إلاّ إثرة ومحاباة ، وتقوية لنفوذ الاُمويِّين وحملهم على رقاب المسلمين.
وقد علّق السّيد مير علي الهندي على ولاة عثمان بقوله : كان هؤلاء هم رجال الخليفة المفضّلين ، وقد تعلّقوا بالولايات كالعقبان الجائعة ، فجعلوا ينهشونها ، ويكدّسون الثروات منها بوسائل الإرهاق التي لا ترحم (١).
لم تكن سياسة عثمان المالية إلاّ امتداداً لسياسة عمر (٢) ، فليس لعثمان منهج خاص في السياسة المالية سوى الذي سنّه عمر ، من إيجاد الطبقية وتقديم بعض الناس على بعض في العطاء ، وقد شذّت هذه السياسة عمّا قنّنه الإسلام من لزوم المساواة ووجوب الإنفاق على المرافق العامة ، وإصلاح الحياة الاقتصادية ومكافحة الفقر ، والقيام بإعالة الضعيف والمحتاج ، وليس لولاة الاُمور أن يصطفوا منها أي شيء ، وليس لهم أن يمنحوها لدعم حكمهم وسلطانهم ، وقد تحرّج الإسلام في ذلك أشدّ الحرج ، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «إنّ رجالاً يتخوّضون في مال الله بغير حقٍّ فلهم النار يوم القيامة» (٣).
وكتب الإمام أمير المؤمنين رائد الحق والعدالة في الأرض إلى قثم بن العباس عامله على مكة كتاباً ألقى فيه الأضواء على السياسة المالية التي انتهجها الإسلام وهذا نصّه :
__________________
(١) روح الإسلام / ٩٠.
(٢) تاريخ العراق في ظل الحكم الاُموي / ٢٢.
(٣) صحيح البخاري ٥ / ١٧.