أمري ما استدبرت لأخذت من الأغنياء فضول أموالهم فرددتها على الفقراء. وفيما نحسب أنّ هذا الإجراء الذي يرتأيه في معالجة التضخّم المالي لا يخلو من تأمّل ، فإنّ فضول أموال الأغنياء إن كانت من فضل الاُعطيات التي كان يغدقها عليهم فهي ـ من دون شك ـ من أموال الدولة ، واللازم يقضي بتأميمها حفظاً للتوازن الاقتصادي ، وإن كانت من أموال التجارة ـ ولا أظنّها ـ فإنّ الواجب أخذ الضرائب المالية منها من دون أن يمنّي نفسه بمصادرتها.
وعلى أيّ حال ، فإنّ الأموال التي تأتي من الفيء ، ومن جباية الجزية والخراج هي ملك للمسلمين ، ولا يجوز أن يستأثر بها فريق من الرعيّة دون غيرها ، بل لا بد من توزيعها على الجميع بالسواء كما كان يصنع النبي (صلى الله عليه وآله).
وجهد عمر على فرض سلطانه بالقوة والعنف ، فخافه القريب والبعيد ، وبلغ من عظيم خوفهم أنّ امرأة جاءت تسأله عن أمر ، وكانت حاملاً ، ولشدّة خوفها منه أجهضت حملها (١) ، وكان شديداً بالغ الشدّة ، خصوصاً مع مَن كان يعتد بنفسه.
يقول الرواة : إنه كان يقسم مالاً بين المسلمين ذات يوم ، وقد ازدحم الناس عليه فأقبل سعد بن أبي وقاص ، وبلاؤه معروف في فتح فارس ، فزاحم الناس حتّى خلص إلى عمر ، فلمّا رأى اعتداده بنفسه علاه بالدرّة ، وقال : لم تهب سلطان الله في الأرض ، فأردت أن أعلمك أنّ سلطان الله لا يهابك ، وقصته مع جبلّة تدلّ على
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١ / ٧٤.