صدقة مَن عرق فيها جبينه ، وأغبر فيها وجهه» (١).
وعنى الإمام (عليه السّلام) بوعظ الناس وإرشادهم كما عنى أبوه من قَبله ، مستهدفين من ذلك تنمية القوى الخيّرة في النفوس ، وتوجيه الناس نحو الحقّ والخير ، وإبعادهم عن نزعات الشرّ من الاعتداء والغرور والطيش وغير ذلك ، ونعرض فيما يلي لبعض ما أثر عنه :
١ ـ قال (عليه السّلام) : «اُوصيكم بتقوى الله ، واُحذّركم أيّامه ، وأرفع لكم أعلامه ؛ فكأن المخوف قد أقل بمهول وروده ونكير حلوله وبشع مذاقه ، فاغتلق مهجكم ، وحال بين العمل وبينكم ، فبادروا بصحة الأجسام ومدّة الأعمار ، كأنكم نبعات طوارقه ، فتنقلكم من ظهر الأرض إلى بطنها ، ومن علوّها إلى سفلها ، ومن اُنسها إلى وحشتها ، ومن روحها وضوئها إلى ظلمتها ، ومن سعتها إلى ضيقها ؛ حيث لا يُزار حميم ، ولا يُعاد سقيم ، ولا يُجاب صريخ ، أعاننا الله وإيّاكم على أهوال ذلك اليوم ، ونجّانا وإيّاكم من عقابه ، وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه.
عباد الله ، فلو كان ذلك قصر مرماكم ومدى مضعنكم ، كان حسب العامل شغلاً يستفرغ عليه أحزانه ، ويذهله عن دنياه ، ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه ، فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه ، مستوقف على حسابه ، لا وزير له يمنعه ، ولا ظهير عنه يدفعه ، ويومئذ : (لاَ يَنفَعُ نَفْسًا
__________________
(١) دعائم الإسلام ١ / ٢٩٢.